كشف الأمين السياسي لحركة جيش تحرير السودان الفصيل الرئيسي الموقع على اتفاقية «أبوجا»، يوسف حقار المحامي تفاصيل الأحداث المتكررة والصراعات التي تنفجر من حين لآخر داخل الحركة منذ توقيع الاتفاقية في العام 2005، مروراً باعتكاف رئيس الحركة السابق مناوي مع قواته في الميدان، أعقبه توقيع مصفوفة الفاشر، بجانب أسباب فشل السلطة الانتقالية وانحياز الحركة للمعارضة وهي شريك في السلطة، وكيف عاد مناوي من جديد للتمرد. إلى جانب التطورات السياسية والمهددات التي تواجه الوطن .. وإتفاقية الدوحة .. بداية لماذا ظلت قضية دارفور تراوح مكانها؟ - استمرت أزمة دارفور وتشعبت وتفاقمت، لأن الحكومة تجاهلت القضية في بداياتها، بجانب أن أبناء دارفور هم السبب الأساسي في إطالة أمد المشكلة لأنهم يمثلون 70% من الأزمة. أين أنتم مما يحدث في الساحة ما دمتم تدركون أن أبناء دارفور هم الأساس في استمرار أزمة أهلها؟ - قدمنا ما استطعنا للجهات، وشخصنا الأزمة منذ توقيع اتفاقية أبوجا ووصلنا للخرطوم، لكن الحكومة لم تأخذ بالكثير من رؤية الحركة، رغم أنها كانت شريكاً في السلطة، بجانب أن قضية دارفور أصبحت سوقاً يباع فيه ويشترى، وقدم الكثير من قيادات الحركات مصالحهم الذاتية والشخصية على المصلحة الكلية لدارفور. على ذكر المصالح الذاتية والشخصية كيف تقيمون انشطارات الحركات والجيوش الجرارة ممن يسمون أنفسهم قيادات؟ - الانقسامات والتشظي الأصل فيه البحث عن مصالح، ومسألة الانقسامات خلقت عطالة وفاقد جيوش من العطالة والقيادات المزيفة التي تبحث عن الاسترزاق وتسيء لأهل دارفور من خلال تصرفاتهم غير اللائقة. هل يمكننا القول أن قضية دارفور تم إفراغها من مضمونها؟ - نعم لأن القضية دخلت فيها أجندات أخرى، ويبحث الكثيرون من خلالها عن الاستوزار والمال والجاه. إذن أنتم جزء من أزمة دارفور ما تعليقكم؟ - واحدة من أخطاء حركة جيش تحرير السودان أنها انغلقت على نفسها ولم تستوعب كل شرائح دارفور، لذلك نظر أهل دارفور للحركة باعتبارها حركة إثنية وهذا ما ساعد الحكومة وقتها في الاستقطاب. كيف تنظر حركتكم لقضية دارفور؟ - ننظر للأزمة في دارفور باعتبارها مشكلة السودان في الإقليم، وندرك أن هناك مشكلات أيضاً في شرق السودان وشماله ووسطه، وعلى الحكومة أن تدرك أن استمرار قضية دارفور دون إيجاد حل ناجع يعتبر مهدداً للاستقرار في السودان بأكمله. لماذا لم تقدم الحركة عقب توقيعها لاتفاقية السلام أي خدمات لإنسان دارفور رغم ما تملكه من إمكانات تمكنها من ذلك؟ - من الأخطاء التي وقع فيها مني أركو مناوي الرئيس السابق لحركة التحرير أنه حصر الحركة في الإطار الضيق للسودان وهو دارفور، رغم أنه كان الرجل الرابع في الدولة، وحصر مكاسب اتفاقية أبوجا لأعضاء حركة جيش تحرير السودان. من خلال تجربتكم في اتفاقية أبوجا كيف تنظر لاتفاقية سلام الدوحة خاصة وأن رئيس السلطة الإقليمية لدارفور رئيس حركة التحرير والعدالة الدكتور التجاني سيسي قال في أكثر من مناسبة إن الاتفاقية تواجه تحديات التنفيذ على الأرض؟ - أولاً من أكبر التحديات التي تواجه حركة التحرير والعدالة واتفاقية سلام الدوحة، هو ابتعاد قادة العدالة عن أهل دارفور وقيادات دارفور والفصائل التي وقعت على السلام للاستفادة من تجاربهم، وما أخشاه هو أن تمضي حركة التحرير والعدالة في ذات الطريق الذي أوصل أبوجا إلى طريق مسدود بسبب ضيق الأفق والنظرة الضيقة للقضايا وإبعاد أهل المصلحة الحقيقيين عن مكاسب السلام الذي أتى من خلال اتفاقية الدوحة. برأيك لماذا تحاول قيادات التحرير والعدالة السير في طريق أبوجا، كما قلت، بابتعادهم عن أصحاب المصلحة وعدم الالتقاء بقيادات الحركات الموقعة على السلام للاستفادة من تجاربهم في السلام لتجاوز عقبات وتحديات اتفاقية أبوجا؟ - معلوم أن عدداً من قيادات التحرير والعدالة بالداخل كانوا أعضاء في الحركات الموقعة على السلام، ولمرارات في دواخلهم حاولوا وسعوا الآن أن تكون حركة التحرير والعدالة منغلقة على نفسها وبعيدة عن القيادات التي انحازت للسلام قبلهم. إذن ما المطلوب في ظل هذه التقاطعات بين الفصائل رغم أنها جميعاً موقعة على السلام؟ - المطلوب أن يكون الهدف الرئيسي هو قضية دارفور وليس البحث عن المصالح الشخصية والذاتية والابتعاد عن التشاكس مع المؤتمرالوطني، لأن التناغم يقود لإنفاذ الاتفاقية بصورة سلسة، والتجربة أثبتت أن المتضرر الأول والأخير من التشاكس هو إنسان دارفور عموماً والنازحون والأخير بصورة أخص. لكن التجاني سيسي قال إن الاتفاقية ملك لأهل دارفور وليس للتحرير والعدالة؟ - هنا ننبه لشيء مهم، أرجو أن لا تنصرف إليه قيادة العدالة، بتكرارهم في محافل عامة، خاصة أن الدوحة تجب ما قبلها وأن لا يكون الحديث بأن الاتفاقية لأهل دارفور حديث منابر، لأن مرحلة الخداع انتهت إلى غير رجعة، وأهل دارفور أصبحوا يدركون تماماً ماذا يريدون. كيف تنظر لموضوع هيكلة السلطة الانتقالية التي شهدت تجاوزات كثيرة في عهد رئيسها السابق مني أركو مناوي؟ - موضوع هيكلة السلطة الانتقالية بدعة جاء بها الشرتاي جعفر عبد الحكم، ونرجو أن لا يكون الهدف من هيكلة السلطة موجهاً للمحاصصات القبلية التي تعتبر أساس أزمة دارفور، وعلى القائمين على أمر السلطة الانتقالية اعتماد المؤهلات والكفاءات معياراً لهيكلة سلطة دارفور الانتقالية. إذن التحديات التي تواجه العملية السلمية كثيرة، فما أهمها الذي يحتاج إلى معالجات جذرية؟ - أكبر التحديات هو الجيش الجرار من العطالة من أبناء دارفور، ومازالت الحكومة تساعد في ذلك من خلال دعم من يسمون أنفسهم قيادات للسلام مكاتب وسيارات فارهة ونثريات دون هدف من ذلك، وعلى المعنيين بالأمر الانتباه لهذا الأمر وتقييمه واستيعاب هؤلاء في مشروعات إنتاجية ليستفيد منهم السودان ويفيدوا أنفسهم ولا يكونوا عالة على الدولة والآخرين، ولابد من العمل للقضاء على التناحر القبلي والمحسوبية، وهذا لا يتأتى بالأشواق والأماني، ولابد من معالجة الأزمة الاقتصادية وقضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. هناك من ينظر لتحالف الجبهة الثورية الذي يضم مناوي وعبد الواحد وخليل والحلو بأنه مهدد حقيقي للأمن والاستقرار في المناطق الملتهبة و السودان كله، كيف تقيمون التحالف من خلال تجربتكم السابقة؟ - من يظن أن تحالف الحركات المسلحة المتمردة غير مهدد للأمن والاستقرار فهو لا يقرأ الواقع صحيحاً، بجانب أنه يكون غير واقعي، ومن هنا نطالب الحكومة باللجوء للحوار لأنها إذا رفضت هذا الاتجاه فلن يكون أمام الحركات المعارضة خيار إلا الحرب، و المتضرر الأول والأخير منه هو المواطن. هل للتحالف قوة حقيقية على الأرض؟ - نعم للتحالف قوة كبيرة، ومن يقول إن التحالف ولد ميتاً عليه أن لا يخدع الآخرين، لأن تحالف الحركات المتمردة يملك القدرة على زعزعة الأمن والاستقرار، خاصة وأن الربيع العربي ليس ببعيد عن السودان إذا لم تتدارك الحكومة المشكلات الحقيقية والمتجذرة التي يعاني منها السودان. ألم يحدث تغيير في سياسات المؤتمر الوطني خلال سنوات تعاملكم معه؟ - حدث تغيير كبير في ذهنية المؤتمر الوطني ورؤيته للقضايا والمشكلات، وأنا كنت شاهداً على بعض ما دار في مؤتمره العام التنشيطي، وهناك لمست حديثاً واقعياً ومطالبات جادة لتغيير السياسات ومعالجة مشكلات المواطنين والدعوة للعدالة والمساواة، وعندها قلت هذا لم يكن المؤتمر الوطني الذي أعرفه.