كان المرحوم علي يسن مفتش عام الشرطة ووزير الشؤون الداخلية الأسبق أشهر عازب في الشرطة، حيث ظل على عزوبيته إلى أن اختاره الله لجواره، ويليه شهرة الفريق شرطة صلاح الدين ميرغني علي والذي أشتهر أيضاً بانضباطه العالي وأدائه المميز، وكان قد تزوج وهو برتبة الفريق، وكان اللواء شرطة محي الدين محمد علي يداعبه بقوله(نحن حقو نسميك صلاح يسن).. ويجئ في الترتيب الثالث اللواء شرطة(م) طيار عمر رجب الذي أكمل نصفه الحلو وهو برتبة اللواء، ويليه العميد محمد آدم خاطر، ولكل من الثلاثة الأخيرين طرائف حول زواجهم.. فعندما تم عقد قران الفريق صلاح ميرغني نادى أحدهم(يلا يا أخوانا شوفوا لينا مسدس نضرب بيه كم طلقة كده)، فرد عليه اللواء محي الدين محمد علي (مسدس شنو يازول إنت جنيت ولا شنو.. الفريق ده شوفو ليه دبابة ولا مدرعة تضرب ليها دانتبن تلاتة!!) ولما عدت من كندا بعد طول غياب التقيت بالزميل اللواء طيار (م) عمر أحمد حسن، وسألته عن أحوال الأخوان وعن اللواء عمر رجب بصفة خاصة، وقلت له(وكمان عمر رجب قالوا أخيراً عرس)، فقال لي(أيوه..لكن ما إظنك سمعت بأنه استبدل المعاش بتاعو وعرس بيه!!) .. أما العميد محمد آدم خاطر فقد سلم اللواء عمر رجب مجموعة من بطاقات الدعوة لزواجه، فقام عمر بقراءة واحدة من بطاقات الدعوة وكان فيها(آل فلان وآل فلان يتشرفون بدعوتكم لحضور عقد قران ابنهم محمد آدم خاطر).. فضحك.. وقال له (يا راجل ابنهم دي شنو قولوا كبير العايلة ولا حاجة!!). عند إجراء تمارين الضربنار عادة ما يكون هناك صف ضباط يتموقع خلف تختة الضربنار، ويسمى (الاشرجي)، ومهمته أن يؤشر بعد انتهاء الضرب بعصاة على رأسها مثلث تسمى ب( الموري)، حيث يقوم بعمل إشارات معينة يفهم دردات دقة إصابة الهدف، وهي خمسة إشارات لعدد خمس طلقات، ولكل طلقة أربع نقاط، ومجموعها (20) نقطة، وتفصيل الإشارات كالآتي (1) سوادة أربعة وتعني أن الطلقة في قلب الهدف، (3) بياضة ومقدارها ثلاث نقاط أي أنها في الدائرة التي تحيط بالسوادة، (3) مكباي ومقدارها نقطتان، (4) خارج واحد أي نقطة واحدة، ثم الخامسة ومقدارها صفر .. وعندما كنا نقوم بتمارين الرماية الأخيرة بدورة جبل الأولياء استعداداً للتخرج، تصادف أن حضر ضابط برتبة نقيب من إحدى القوات النظامية، تمت دعوته للمشاركة، حيث أعطى بندقية (قربينا إس) ومعها خمس طلقات فاتخذ سيادته وضع (قيام راقداً)، وأطلق رصاصته الخمس، ولكن جاءت الإشارة من الأشرجي صفراً.. ولا طلقة في الهدف.. فشعر سيادته بحرج بالغ بان على وجه المستاء، فقال له المرحوم الملازم درار مواسياً (معليش ياسيادتك أصلو الأشرجي بتاعنا جديد في الشغلانة دية!!).. بينما كنت أقود سيارتي ذات يوم انحرفت بها لجهة اليمين من شارع جانب شرق شارع الحرية، ففوجئت بسيارة أخرى تسير في الاتجاه المعاكس لي من الشمال للجنوب، فتوقفت على أمل أن يدرك السائق المخالف خطأه ويدور للسير في الإتجاه الصحيح، إلا أنه فأجأني مرة أخرى بأن (خرم) من على يميني ودخل في ذات الشارع الذي أتيت منه، (وبيني وبينكم التخريمة دي جابت كثافتي)- فما كان مني إلا أن ترجلت من سيارتي ولحقت به إذ توقف جوار البنشر في ناصية الشارع- وقلت (إنت يازول ما بتعرف قواعد المرور كيف تسوق بالطريقة دي في شارع اتجاه واحد؟) فكان رده أن قال لي (إنت الما بتعرف قواعد المرور.. أنا أديتك نور طويل وإنت مفروض تفتح لي)، فعلمت أن لا جدوى من حديثي معه، فذهبت مغاضباً، وأبلغت ثلاثة من رجال المرور عند تقاطع شارع الحرية مع شارع أحمد خير عند الإمدادات الطبية، وحضر معي أحدهم وسأل السائق المخالف عن ما حدث فأعاد ما قاله لي (أنا أديتو الطويل وهو أبا يفتح لي)، وسقط فكي الأسفل من الدهشة عندما قال له رجل المرور (إنت غلطان ياسيد.. ما كان تديه الطويل.. كان المفروض إنك تكنتك ليه)!! هه.. وبرضو تقول لي زيدان مشلخ!!. كان المرحوم حسن تيه من التعلمجية الأشداء بكلية الشرطة، وذات يوم حضر إلى وزارة الداخلية، حيث غشى مكتب الطيارين، وشاهدنا نحن الطيارين الستة محلقين حول صحن فول، ونحن نمازح بعضنا البعض، وكان جميعنا برتبة (المقدم)، والتي كانت تعرف فيما مضى برتبة (الحكمدار) التي كان لها شنة ورنة.. ويبدو أن منظر (حكمدارات) آخر الزمن لم تعجب المرحوم حسن تيه، فانتحى بالمقدم طيار عمر رجب، والذي كان واحداً من تلاميذه بالبلتون، الذي كان مسؤولاً عنه، وقال له (شوف يا سيادتو عمر.. زمان الضابط لما يرقوه لي حكمدار بيعمل إشارة لكل الأقسام، يقول ليهم أنا بقيت حكمدار، وأنا من الليلة عندي كلام تاني.. لكن الزمن ده تلقى الحكمدار واقف في الشارع بيتونس مع زول.. والزول ماسك الحكمدار من أيده!!. الفريق شرطة محمد صالح حامد أو (هيثم) كما يحلو لنا أن نناديه في أوساط الدفعة (35) واحد من ظرفاء الشرطة، التقيته ذات مرة في إحدى المناسبات وسألته (وينك ما ظاهر الأيام دي وبقيت منقطع النظير.. زي ما قال حلاق الجامعة).. فقال لي.. (والله مشغول بقيام الليل والبيزنس) .. وللفريق محمد صالح حكايات طريفة كانت قد صاحبت خطبته العصماء الشهيرة في حفل تخريج دفعة من أفراد الشرطة الشعبية بمحلية (غبيش)، عندما كان مديراً لشرطة ولاية غرب كردفان سابقاً.. تلك الخطبة التي بدأها، بعد أن كبر وهلل، بقوله (اليوم يوم شكر وذكر لله سبحانه وتعالي، إذ نحتفل اليوم بكوكبة من الصحابة الجدد من أبناء الشرطة الشعبية، وهي إضافة حقيقية لمسيرتنا الدعوية.. وأنه ومنذ أن أنشئت الشرطة الشعبية فقد تطهرت الشرطة العامة التي كانت قبل مجئ الإنقاذ وانشائها للشرطة الشعبية، مؤتمنة على الأرواح والممتلكات فقط، وقد امتدت هذه الواجبات لتشمل حماية العقيدة والعقل والدين والأخلاق.. وفي الماضي كان السفهاء- والعياذة بالله- يسمون مثل هذا اليوم يوم الخميس (الخميس ليلة المطاميس ولكنه صار اليوم يوم تدبر بتلاوة القرآن وذكر الله، بعد أن كانوا يلعبون فيه الورق ويشربون العرقي.. والشرطة عموماً نمط من أنماط الرسالة المحمدية)، وبعد انتهاء الاحتفال التقاه واحد من التنفيذيين، والذي كان قد عاصره أيام الشباب، وقال له (ده شنو البتسوي فيه ده- والله أنا قلت دي خطبة واحد من المجلس الأربعيني.. إنت خلاص نسيت أيام زمان.. أيام الجاهلية)، فرد عليه محمد صالح بقوله (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إن فقهوا)!! وفي ذات الأسبوع حضر الفريق محمد صالح حيث التقى بالفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الداخلية وقتها، والذي كان قد تناهى اليه نبأ خطبة الفريق العصماء، فقال له ممازحاً (إنت خاشي الإسلام يادوبك.. هو نحن مارقين إنت جاي هسي)!!.