من دواعي سروري أن أبدأ هذه الخلاصة بمساهمة طيبة من السيد هاشم مكاوي الوزير السابق أيام حكم الرئيس نميري، وكان قد تقلد منصب جهاز التفتيش الإداري العام، وقد اتصل بي سيادته مشيداً (بخلاصة الحكي)، وأهداني طرفتين أولاهما من كتاب صديقه عبد الوهاب إبراهيم وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن في حكومة مايو.. والكتاب بعنوان: ( أوراق من الذاكرة- محطات في مسيرة ضابط شرطة)، ومن هذه المواقف يذكر السيد عبد الوهاب إبراهيم ( أن الأخ الصديق المهندس صديق يوسف إبراهيم النور، لأن رئيس لجنة مسجد والده بالملازمين ولونه السياسي معروف، فقد استدعاه الأمن لا ستجوابه في أمور تتعلق بنشاطه الحزبي، وعند سؤاله عن عضويته في الحزب الشيوعي.. أجاب بأن الذي جنده هو عبد الوهاب إبراهيم)، رئيس جهاز الأمن الآن، عندما كنا طلاباً بوادي سيدنا.. كنت أنا بأولى وهو بالثالثة ثانوي آنذاك، وكلانا من أم درمان، وربطتني به علاقات طيبة)، وجمع الضابط أوراقه وجاءني منزعجاً، فقلت له واصل التحقيق، وأكتب كل ما يقوله.. أليست تلك أقواله ( غير أنه لم يوضح أن ذلك كان مفارقة طريفة أراد بها الناشط الشيوعي المخارجة) أم أنها كانت حقيقة بالفعل. والطرفة الثانية هي واحدة من طرائف الشرطة المصرية، حيث أن (كلباً).. كان مملوكاً لسيدة الغناء العربي الفنانة أم كلثوم قد عض أحد المواطنين الذي قام بفتح بلاغ في مواجهة السيدة أم كلثوم وكلبها، وتلقى الضابط المتحري في البلاغ المذكور تعليمات من جهات عليا مفادها: ( أن الخدمات التي قدمتها أم كلثوم للدولة كفيلة بأن تعفيها وكلبها من المسؤولية الجنائية)، وتلك تعليمات صريحة بقفل التحقيق، فما كان من الكاتب المصري الساخر أحمد فؤاد نجم إلا أن نظم الأبيات التالية حول تلك الواقعة: هذا كلب الست يبني.. وإنت تبقى ابن مين هيص ياكلب الست هيص.. ليك مقامك في البوليس وبكره تتولف وزارة.. وللكلاب يا خدوك رئيس!! ولقد ذكرتني الطرفة المصرية بأخرى حدثت بمدينة، وقد حكاها السيد ضاحي خلفان مدير شرطة إمارة دبي، وهو الرجل الذي يتقلد هذا المنصب لأكثر من عقدين من الزمان، ولقد ارتقى بقيادته الذكية والفاعلة بشرطة دبي إلى مصاف أميز أجهزة الشرطة في العالم.. وقد حكى السيد خلفان أنه كان يقود سيارته ذات ليلة عندما لمح شابين في الطريق العام، ومن ملامحهما عرف أنهما سودانيان، والمعروف أن السيد خلفان كان يكن تقديراً خاصاً للسودانيين، فتوقف لتوصيلهما وعندما ركبا السيارة الأول في الكرسي الأمامي، والثاني في الكنبة الخلفية، وكانت رائحة الخمر تفوح منهما، وتغاضى سيادته عن تلك الهنة.. وبعد قليل نظر إليه الشاب الذي كان جالساً على الكرسي الأمامي قائلاً:(ياخي شكلك ده ما غريب علي.. أنا شايفك قبل كده) فرد عليه (أنا ضاحي خلفان) وعندها صرخ من كان جالساً خلفهما، وهو يكاد يقفز من كرسيه ليأخذ بخناق صاحبه (سأأأأألو مالك ياخي.. ما تركب ساي)!. وكذلك أتتني مكالمة رقيقة من الأخ كابتن بشير الطيار سابقاً بسودانير والخطوط الكويتية يشيد فيها أيضاً (بخلاصة الحكي)، وقد أهدى طرفة لقراء الخلاصة، كان قد حكاها الفنان المرحوم عبد العزيز محمد داؤد في حفل خاص بالشرطة، كان قد شرفه الرئيس نميري.. وحال صعوده على المسرح طالبه الجمهور بالقاء نكتة قبل أن يقدم وصلته الغنائية، فقال(أحكي ليكم موقفاً طريفاً حصل مع واحد من رجال شرطة المرور أوقفني في مخالفة، وكان مصراً على أنه يغرمني، فرميت طرادّة (خمسة وعشرين قرشاً) من الشباك، وقلت ليه (ياجنابو في طرادة وقعت منك فرد عليه قائلاً: الوقعت مني خمسين قرش، فضج الحاضرون بما فيهم الرئيس نميري(عليه رحمة الله) بالضحك.. وعلى ذكر شرطة المرور تحضرني طرفة صدرت من الأخ اللواء أبو دومات، فقد كنت معه بمكتبه عندما كان مديراً لمرور الخرطوم، وجاء ذكر المثل الطبي القائل بالحذر من السميِّن الأبيضين(الملح والسكر)، فقال لي- وهو يضحك- هسي بقت السموم البيضاء الثلاثة الملح والسكر ورجل المرور)!. وللفنان أبو داؤد طرفة أخرى مع الشرطة ذكر فيها أنه قد أحضر في مخالفة للقسم، ووجد أن الضابط النبطش شايقي.. وشاويش مكتب البلاغات شايقي.. والمتحري برضو شايقي، ولما سأله المتحري عن قبيلته رد عليه أبو داؤد (عبد شايقية)!!. ونذكر مرة أخرى أخونا المقدم شرطة(م) حسن فرحات الذي كان طريح الفراش بمركز القلب عندما طلب منه الدكتور مجدي جميل أن يقوم بعمل موجات صوتية بجهاز معين غير متوفر بالمركز، فسأله فرحات (إنت مدير المركز مش دكتور عبد الله حسن البشير أخو الرئيس)، فرد دكتور جميل بالإيجاب فقال له فرحات: (طيب ونحن نجيب ليكم أخو أوباما عشان تجبيو الجهاز ده ولا شنو)!. عندما كان اللواء (م) عمر وهب الله ضابطاً برتبة النقيب بمباحث مديرية الخرطوم تم تكليفه بمراقبة منزل في أحد أحياء أم درمان العريقة.. وفي مساء يوم التكليف تهندم النقيب عمر وتعطر وذهب إلى الشارع الذي يقع فيه المنزل تحت المراقبة، وأخذ في تمشيط الشارع جيئة وذهاباً، ولاحظ أن باب أحد المنازل كان مفتوحاً وبحوش المنزل رجل ضخم الجثة، وهو يحتسي ( العرقي)، وفي مروره الثالث فوجئ النقيب عمر بالرجل المخمور يأتي مهرولاً من منزله ويأخذ بتلابيبه وهو يصرخ (حرامي .. حرامي)، وتجمهر أهل الحي حولهما فقال له عمر: (ياخي في حرامي بجي الساعة تسعة لابس ومتريح كمان)، فرد عليه الرجل (من ريحتك دي إنت حرامي نسوان)، فقال له عمر ( كان كده أخير تهمتك الأولى)!.