الأحبة.. أصدقاء.. وأعداء.. شمس المشارق أشواقي لكم لم تفتر.. احتفي أبداً.. بكلمات الإطراء.. وتطابق المواقف والآراء بيننا.. واحترم حد الانبهار والإعجاب.. بكل الكلمات القاسية.. والخصام العنيد وتضاد الأفكار.. وحرب المواقف بعداً وقرباً من حكومة الإنقاذ.. وعندي لا.. تساوي تماماً نعم.. وعندي الرأي الآخر والمعارض.. لا يقل خطراً عن التطابق مع ما اعتقد من آراء.. ثم.. اليوم اسمحوا لي أن أفسح المجال.. رحيباً.. وأنشر البساط الأحمر.. أمام مهندس أنيق الحرف.. ثري المفردة.. جزل العبارة.. وهو يحتل في فرح.. مساحة شمس المشارق.. صدقوني.. أن هذه الرسالة أدهشتني.. حد الطرب.. هي تحفل بالبدائع والجمال.. صحيح أن بعضها مكتوب بماء الورد على قشر البرتقال.. ولكن الصحيح أيضاً أن بعضها مكتوب بأعواد مشاعل.. بل بأطراف أسنة وخناجر.. ولأنها رسالة طويلة.. دعوني استأذنكم واستأذن قبلكم المهندس الفاتح عبد الله وديدي.. بأن أنشرها على جزئين.. الأول.. هو الذي تطالعونه الآن.. والجزء الثاني موعده وموعدنا معه.. غداً.. بإذن الله الواحد الصمد.. وقبل أن تصافح عيونكم هذه الرسالة.. اعلموا.. أني احتفي أبداً بالرسائل التي تعاندني وتعارضني.. وحتى تلك التي تسبني.. أكثر من الرسائل التي تؤازرني وتساندي وتشد من أزري وتشدد على يدي.. صحيح أن في هذه الرسالة كلمات موجعة.. وقاسية.. ولكن.. ولأن الرأي الآخر مطلوب بل مقدس.. يسعدني أن ترى حروف المهندس النور.. حتى.. أقول.. إني أمارس الديمقراطية عملاً لا تشدقاً.. لكم حبي.. مؤمن هذا القلم المتلألئ دوماً يبهرني.. بقفازه الآسر.. وانقضاضه الجاسر.. على عواطفي ودوافعي للاطلاع.. تحيتي لك أيها المؤمن.. وأنت تدعي فقراً.. وضعفاً.. وتمني.. التحية لك.. وأنت تتمشدق بدثار شيوعية تركها أهلها.. وأنت تتسربل ببعض قيمها النظرية.. تحيتي لك.. وأنت ترسم صورة زاهية.. لشخص غائب.. وباستحياء تشير إلى نفسك من طرف خفي.. وكأنك تقنع نفسك بين الفينة والأخرى.. «أيها القارئ.. أنا أعني.. نفسي». لا أكتب من خلال عمى أصابني.. ولا رهق انتاب أطراف المآقي.. ولكن أرسم بلسان حال الأمة الغلبانة.. والكالحة.. والتي أنت لست بجزء منها.. كيف تكون.. كما تقول..؟ وكيف تكون جزءاً من الغلابى.. وأنت تتمرغ في بلاط صاحبة الجلالة بعمود فقري.. طوله يتعدى مقدرة متخذي القرار في الدولة.. وعرضه يتمدد إلى ثلاثين مليوناً من القراء.. كل صباح.. كيف تكون منهم.. وأنت تتحدث عن صيحات الموضة التي لا يعرفها حتى المترفون؟ كيف تكون منهم.. وأنت كما القذافي.. يصف كل شعبه بالجرذان.. وهو يعيش حالة الجرذان في حكمه ضمناً.. ومآل الحال يرسمه كالجرذ شكلاً.. كيف تكون منهم.. وأنت تتحدث عن حرية الصحافة في عالم فتح أبوابه.. ولسان حاله يقول.. هيت لك.. وأنت تجأر بالشكوى من حرية هي دافعك للكلام والكتابة.. وأنت ترسم صور من حولك كما تشاء.. وتصفع بالقول.. القاصي منهم والداني.. ومن مهازل القدر.. إنك تشكو أعداءك.. لمن يمثلون أعداءك أيضاً.. حسب تشبيهك لهم.. فكيف تشكو.. من الوزير.. وتستكثر عليه ما آل إليه من خير.. لأنه مال الشعب.. والشكوى.. توجهها لقادته.. وإذا أنصفوك.. يكون قد نفذوا أجندة خارجية.. والويل لهم والثبور إن لم يمتثلوا لرأيك.. فتنهال عليهم سياط حضورك.. كما الجلاد.. بين العبيد.. غير آبه بما حوله.. من أنين.. وردود أفعال وعواقب.. وفوق هذا تتحدث عن حرية الصحافة المغتصبة.. أنت تنصب للجلاد مقصلة.. وتلقم كل من تحدث حجراً.. ونحن معشر القراء.. تعجبنا الحروف الجميلة المنمقة.. ونحن معشر القراء.. تأسرنا اللغة المهندمة.. تعجبنا البطولات التي ترتسم على بياض الورق.. وتدغدغ مشاعرنا.. هزيمة الحكومات.. كالذي تفعله من خلال عمودك.. وتتملكنا الخطب الرنانة التي تعربد خلال الأسطر.. أنت.. تمثل أنموذجاً رائعاً لتلكم الأوصاف.. وأنت تحمل رؤية لجماعة لا توجد على أرض الواقع.. لرؤية.. أكل الدهر عليها وشرب.. رؤية فرضت سيطرتها النظرية.. والتنظيرية جداً.. في غابر الزمان على رؤوس فئة معينة.. ولما آلت إليها الأمور ومقاليد الحكم والمسؤولية.. تضاءلت أمامها الواجبات وتغيرت المفاهيم.. واختلت موازين الرؤى.. فأصبح اليساري المتشدد.. ليّناً طيّعاً مطيعاً.. وقد هوت به الظروف إلى أحضان الرؤى الأخرى.. كمن لا يملك برنامج في جوقة المخططين.. مهندس/ الفاتح عبد الله وديدي