ولأن أغلب الشعب طبقة وسطى تعيش بالراتب ومن دخل الوظيفة.. (مع ملاحظة انهيار إمبراطورية الخدمة المدنية) أصبح كل الشعب (سحرة وبهلوانات) حتى يستطيعوا العيش بموازنة الدخل مع المنصرف وحرضتهم العولمة والفضائيات على كسر طوق البساطة وأذكت طموحهم للتطلع نحو حياة كريمة واستقطبت أحلامهم مغنطيسية الأشياء الجاذبة التي تمور بها الأسواق والمحلات.. فصار لسان حالهم وهم ينظرون الى المفروشات الزاهية والستائر الشفافة والأثاثات الفاخرة.. يتغنون همسًا (داير قربك لكن محتار).. وحتى لا تنهزم فكرة التدفق السلعي وتتوازن مع الطموح ورغبات الناس بعيدا عن الحيرة فقد تفتقت الذهنية التجارية عن فكرة البيع بالتقسيط وهي لعمري سلاح (لمسه بتار وتركه قتال) يرضي الطموح ويغري بالكثير ويلفك في دوامة كأنك تركب في (عربة ملاهي سيئة التقنية تصيبك بالغثيان الدائم.. ولا تنفك منها حتى اكتمال دورتها..!! إن (التقسيط) (غير المريح) هامش الربح فيه معناه (زدني في الأجل أزدك في السعر) وهو ضريبة مقننة متفق عليها.. تضمن تصريف السلع وتضمن ربطك من عنقك وجرك (كالثور في الساقية) دون أن تصدر آهة وأنت مغمض العينين..! الأثاثات بالتقسيط.. العربات بالتقسيط حتى الزواج أصبح بالتقسيط.. حضر رجل ليتزوج من أسرة عريقة فقال سأدفع مهر عشرين مليون مقسطة لمدة خمس سنوات) وهي مدة الضمان اللازمة!! مسكين انه لا يعرف أن الأزواج يدفعون حتى آخر يوم في حياتهم..!! في نهاية كل شهر يكثر التوتر.. الضغط النفسي.. أقساط في كل مكان صحيح إننا نسد كل الفوارغ ونكمل كل ما نراه ناقصا لكننا نفتح أبوابًا نتلظى من جحيمها عندما يرن الهاتف أو يطرق الباب وتسمع أكثر صوت تخاف أن تسمعه.. قسط الأثاث.. الأواني المنزلية.. المدارس.. دوامة لن نخرج منها طالما أن الإنسان يحب الجمال ويعيش في حالة مقارنة كاملة مع أقرانه وطالما أن التجار يتقنون لعبة جرنا في تلك الساقية التي ربطنا حبلها في أعناقنا بإرادتنا. زاوية أخيرة: إن الزواج في السودان خيرمثال للتقسيط المريح فالكلمة الحلوة عند الزفاف وقبل الممات.. قصرنا معاكم؟!