أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضد تكرار الرسوب فى هندسة بناء الإمة «5/5»
نشر في آخر لحظة يوم 31 - 12 - 2011

أضحى سودان ما بعد إنفصال جنوبه كياناً مختلفاً عما كان عليه قبل ذلك وهذه حقيقة عبرعنها بعضهم وأسبقهم النائب الأول للرئيس بالجمهورية الثانية ، إستعارة من أدبيات السياسة الفرنسية . وبغض الطرف عن أى تحفظ يمكن إثارته حول مصطلح الجمهورية الثانية للتعبير عن الحالة السودانية وبعيداً عن الإصطراع حول الألفاظ ،فلا جدال أن القطر الجديد مختلف عن سابقه ليس فقط فى ما هو معلوم بداهة وقابل للقياس المنضبط مثل المساحة وحجم السكان بل أيضاً فى المعطيات السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية ، الثقافية وغيرها التى تختلف التقديرات حولها . و بسبب من إختلاف التقديرات حول هذه المعطيات من حيث درجة إتجاه تأثرها سلباً أو إيجاباً ، فإننا نلج مرحلة سودان ما بعد الجنوب بتباين واضح حول المرتكزات الدستورية والسياسية ، والثقافية للدولة الجديدة . ولا يلزم المراقب رهق ليرصد من خلال الخطاب السائد إتجاهين رئيسين فى هذا الصدد . فالإتجاه الأول هو ذاك الذى يرى أن إنفصال الجنوب قد وضع حداً للتذرع بالتعدد الإثنى والدينى والثقافى كقيد على الهوية العربية الإسلامية للسودان . ولعل أوضح تعبيرعن هذا الإتجاه ما كان قد ورد فى خطاب رئيس الجمهورية فى ديسمبرمن العام الماضى بمناسبة أعياد الحصاد بولاية القضارف والذى أثار حينه جدلاً واسعاً كما هو معلوم . أما الإتجاه الآخر فهو الذى يرى أن واقع التعدد ما يزال قائماً بالرغم من إنفصال الجنوب ويتعين التعاطى مع هذه الحقيقة فى الشأن العام . وبداهة فإن لكل من الإتجاهين مقتضياته على الأصعدة الدستورية والسياسية وما يتبعها . إن وجود هذين الإتجاهين يعنى أننا نقف مجددا على منصة تأسيس دولة السودان كما كان الحال غداة الإنفصال . ولئن إنتهت مسيرتنا الوطنية منذ الإستقلال إلى إنفصال الجنوب وذلك حصاد مر لخطايا سياساتنا فى مختلف مراحلها فحرى بنا أن نتجنب فى بناء الدولة الجديدة الإرتجالية التى إنتهت بنا لما أسميناه الرسوب فى هندسة بناء الإمة ،وكان ذلك عنوان لمقال نشرته لنا صحيفة الحرية عام 2002م . ولا سبيل أمامنا لتنجب الإرتجالية لتلافى المزيد من الإنشطارات التى ما تزال أخطارها محدقة . سوى إخضاع القضايا الجوهرية لحوار صادق وعميق عوضاً عن ترديد الشعارات المعممة والمسلمات الإعتباطية التى ما أغنت عن الحق شيئاً بدليل المآل . ولأجل هذه الغاية تأتى هذه السلسلة من المقالات التى نطرح فيها رؤى عامة حول بعض القضايا التى نحسبها محورية على أمل أن يتم حولها حوار جاد تفصيلاً لما يجمل وتقويما لما يطرح من آراء .
فى الحلقات الماضيات الأربع طرحنا رؤى عامة حول ما نعتبره من أمهات القضايا التى تتطلب الحوار والتوافق كأساس لبناء السودان بعد إنفصال الجنوب . وشمل ما طرحناه مسائل الهوية الوطنية ما هيتها وكيفية التعبير عنها ، علاقة الدين بالدولة على خلفية جدل العلمانية والشريعة الإسلامية والدولة المدنية ، نظام الحكم مقارنة ومفاضلة بين النظامين الرئاسى والبرلمانى وتقويم تطبيق الفدرالية وأخيراً الإقتصاد وإختلال موازينه . وفى هذه الحلقة الخاتمة لهذه السلسلة نقدم تصور لخارطة طريق تتضمن التدابير الممكنة لتجسيد المبادئ والسياسات الكفيلة بتصحيح إختلال الموازين فى كافة شعاب الحياة العامة . وسنطرح فى هذا التصور الخطوات الإجرائية كما المضامين الموضوعية وفق الآراء التى رجحناها فى الحلقات السابقة سواء ما تعلق منها بالمبادئ الأساسية التى مكانها الدستور أو الأمور التفصلية التى مكانها السياسات .
وحيث أن المسائل الجوهرية الأكثر إلحاحاً على التحاور والتوافق أمور دستورية فى الغالب فمن المنطقى أن يتصدر موضوع الدستور بجوانبه الإجرائية والموضوعية التصور الذى نريد طرحه . وفى هذا الإطار نتطرق للخطوات التى نراها ضرورية لإعداد وإجازة الدستور وكذا المبادى الأساسية التى نأمل أن يتضمنها ، والتى يتعين التوافق السياسى حولها مسبقاً بين القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى ذات الإهتمام ، لتكون ملزمة لكافة الأجسام المعنية بوضع الدستور فى جميع مراحلها . . وأول ما نراه كشرط للبداية الصحيحة لعملية وضع الدستور وقف أى محاولة لإيداع مشروع الدستور منضدة الهيئة التشريعية فى دورتها الحالية أو حتى القادمة كما أعلن فى وقت سابق فى تصريحات لقيادات من المؤتمر الوطنى نشرتها الصحافة المحلية . فالدستور بإعتباره القانون الأعلى المهيمن على كل القوانين والميثاق الذى يحوى أساسيات العقد السياسى الإجتماعى للأمة أوهكذا ينبغى ، يجب أن يحظى إعداده بأقصى قدر من التشارك والتوافق كى يكتب له الرضا المطلوب والديمومة النسبية إن عبرة تاريحنا السياسى تدل على أن الإخفاق فى التوافق على المبادئ الجوهرية التى تستجيب بصورة متوازنة لمصالح وهموم مكونات الوطن المختلفة هو ما جعلنا نتقحم الدروب الوعرة ما أفضى بنا لإنشطار البلاد.و إستبصاراً بهذه العبرة ينبغى عدم تكرار ذات الأخطاء وقد بلغت الأمور من التعقيد ما بلغت . إن إعداد دستور الدولة الجديدة من طرف واحد أو أطراف محدودة لن يكون عمل موفقاً وإن جاءت نصوصه مبرأة من كل عيب . فلئن إحتاج الإيمان بالحق المطلق نفسه رسالات السماء للتبشير فمن باب أولى أن يتطلب الإقتناع بوثيقة من وضع البشر التحاور والمجادلة بالحسنى بين الأطراف المعنية بها ومن الأمثلة التى تعزز رأينا هذا أن دستور السودان لسنة 1998م قد جاء بمكاسب غيرمسبوقة للمرأة مثل المادة (22 ) التى أعطت حق الجنسية بالميلاد للمولود من أم سودانية ، والمادة 67 ( 2) ( ب) التى خصصت نسبة25 % كحد أدنى لتمثيل المرأة والفئات المهنية فى السلطة التشريعية . ومع ذلك لم يحتف الكثيرون بهذه المكاسب بل لم ينتبهوا لها لأن الدستور وضع فى مناخ سياسى لم يكن مقنع لهم . إن ما يمثل القانون الأعلى للبلاد والعهد السياسى الإجتماعى بين أهلها فى هذه المرحلة التأريخية يتطلب تدابير سياسية وإجرائية رشيدة ودقيقة لتحقيق أكبر تراضى حوله . وفى هذا الإتجاه فإن الأمثل فى تقديرنا أن تسبق تسوية النزاعات المسلحة القائمة فى دارفور وجنوب كردفان و النيل الأزرق البدء فى خطوات وضع الدستور . ولكن لا يجب أن يكون هذا شرطاً بالنظر الى إحتمال تطاول أمد هذه النزاعات خاصة والحركات المسلحة فى هذه الأقاليم تعلن إصرارها القتال حتى إسقاط النظام . والمتاح عملياً والذى نرجو أن يتحقق دخول المؤتمر الوطنى فى شراكة حقيقية بعيدا ً عن أساليب المناورات والإلتواء مع قوى المعارضة المدنية للإتفاق على جدول أعمال وضع الدستور يتضمن المبادئ الحاكمة للعملية ومراحل الإعداد والإجازة والأجسام المختصة بمهام هذه المراحل وتكوينها . وفى هذا السياق نقترح أن تكون الخطوة الأولى الإتفاق على تشكيل هيئة وطنية للدستوربتمثيل شامل ومتوازن لأصحاب المصلحة من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدنى و أكادميين وقيادات أهلية . هذا التكوين يجب أن يغلب عليه الطابع السياسى عوضاً عن الفنى للتحاور حول أمهات القضايا ذات الصلة بالدستور والإتفاق على المحتوى الجوهرى مثل طبيعة الدولة ومصادر التشريع ونظام الحكم والحقوق الأساسية وأحكام وموجهات قسمة الثروة والسلطة والوظائف العامة . وفى سبيل الوصول لهذا الإتفاق على الهيئة إجراء حوار واسع مع مختلف قطاعات الشعب فى شكل ندوات عامة ولقاءات نوعية على نحو يجعل من وضع الدستور مناسبة وطنية يشارك من خلالها الشعب فى إبرام العقد الإجتماعى الذى يحتكم اليه. ونرى أن تصدر مخرجات عمل الهيئة فى ميثاق ملزم فى المراحل اللآحقة فى عملية وضع الدستور . والخطوة التالية هى الإتفاق على لجنة فنية لصياغة مسودة الدستور وتكون فى ذلك ملزمة بما يرد فى ميثاق المقررات الدستورية الأساسية الصادر عن الهيئة الوطنية للدستور. وبعد صياغتها تقدم مسودة الدستور للهيئة لمناقشتها وإجازتها بأية تعديلات تراها . وتكون الخطوة التالية إيداع مشروع الدستور منضدة السلطة التشريعية الرسمية سواء أكانت الهيئة التشريعية القومية الحالية أو جمعية تأسيسية بإنتخاب يتم الإتفاق عليها من خلال الحوار . وكيفما كان الحال على السلطة التشريعية إعتماد المشروع بدون تعديلات سوى ما يتطلبه حسن الصياغة . وتكون الخطوة الآخيرة عرض المشروع لإستفتاء عام ليصبح عند إجازته دستوراً للبلاد .
تلك هى الخطوات الأجرائية الأساسية التى نرأها قمينة بقيادة خطانا لدستور متوافق عليه ومعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية خلافاً للأساليب النخبوية فى وضع الدساتير فى ما مضى . ولا سبيل لذك إلا بتوفر الإرادة السياسية فى طرفى السلطة والمعارضة وقد يبدو ذلك مطلباَ بعيد المنال فى ضو معطيات الراهن ولكن لا بأس أن نحلم به .
اما بخصوص رأينا فى المحتوى الموضوعى للدستور فنطرح هنا بعضاً مما نأمل أن يتضمنه ميثاق المقررات الدستورية الأساسية المناط إ صداره بالهيئية الوطنية للدستور حسب ما إفترضنا آنفاً . ومقترحاتنا مبنية على الحيثيات التى قدمناها فى الحلقات السابقة وأهمها ما يلى :-
1. تعريف السودان كدولة مدنية ديمقراطية متعددة الأعراق والثقافات والأديان وإن الإسلام دين أغلبية مواطنيه .
2. إعتماد الشريعة الإسلامية ، العرف ، والمواثيق الدولية المصادق عليها كمصادر للتشريع .
3. المواطنة كأساس للحقوق والواجبات بمساواة كاملة بين المواطنين بدون أى تميز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو أى شئ آخر .
4. تضمين وثيقة الحقوق الواردة فى الباب الثانى من الدستور الإنتقالى لسنة 2005 م (المواد من 27 إلى 48 ) بكاملها فى الدستور الجديد .
5. إعتماد العربية لغة رسمية للبلاد والإنجليزية بجانب العربية فى مؤسسات التعليم العالى والإعتراف بكل اللغات السودانية المحلية وتشجيع تطويرها .
6. إقرار النظام الرئاسى وأن تكون شروط الأهلية لمنصب الرئيس نفس الشروط الواردة فى المادة ( 53) من الدستور الإنتقالى .
7. إقرار النظام الفدرالى بالتعديلات التى تدعم كفاءة التطبيق .
8. إقرار برلمان الغرفتين على أن ينتخب أعضاء كل منهما من الشعب مباشرة خلافاً لما عليه الأمر حالياً بالنسبة لمجلس الولايات الذى ينتخب أعضاؤه بواسطة مجالس الولايات .
9. النص على حق السلطة التشريعية لإعتماد ترشيحات رئيس الجمهورية للمواقع الدستورية ( الوزارات ، المفوضيات ، الدواوين )
10. الإبقاء على نسبة 25% كحد أدنى لتمثيل المرأة فى المجالس النيابية فى كل مستويات الحكم .
11. حق الجنسية لكل مولود من أم سودانية أو أب سودانى .
12. النص على الحرية الإقتصادية وإقتصاد السوق ودور الدولة فى تحقيق العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل للثروة ومحاربة الممارسات المخلة بتكافؤ الفرص .
13. إلتزام الدولة بتوفير التعليم المجانى الجيد فى مراحل التعليم العام .
14. الإعتراف بالتنوع الثقافى والتعبير المتوازن عن الثقافات المتعددة فى أجهزرة الدولة الإعلامية ومؤسساتها الثقافة .
15. وضع نصوص تضمن التوازن فى الوظائف العامة على مستويات الخدمة المدنية والقوات النظامية بين مكونات المجتمع السودانى وتصحيح الإختلالات الحالية .
والمقصود تضمين الأمورأعلاه والتى نعتبرها جوهرية فى ميثاق المقرارات الدستورية الذى نقترح صدوره فى الهيئة الوطنية للدستور بمعانيها وليس بالضرورة بالألفاظ التى وردت بها فى هذا السياق قوة جديدة. ومهما يكن من شئ فإن الدستور على أهميته لا يغنى بحد ذاته فى كثير من القضايا المهمة .ذلك لأنه بطبيعته لا يحتمل التفاصيل ولذا قلنا فى صدر هذه الحلقة إن المعالجة الدستورية تعنى غالباًً بالمبادى الأساسية أما التدابير التفصيلية فى العملية فمحلها السياسات والبرامج التى عليها تنزيل ما يجمل فى الدستور لأرض الواقع . وفى الحقيقة فإن جوهر أزمتنا الوطنية التى إنتهت بنا لإنفصال الجنوب لم يكمن فى قصور الدساتير على إختلافها بقدر ما كان فى السياسات العملية النابعة عن إرادة الفاعلين فى الساحة السياسية . فقد نصت دساتيرنا ما سمى منها مؤقتاً أو دائماً على معانى العدالة والمساواة بين المواطنين دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس وغير ذلك . وبالرغم من هذا ظلت موازين الحقوق والمصالح تزداد إختلالاً عبر الزمن . وهكذا فلا مناص من التوافق على سياسات وتدابير عملية بشأن بعض القضايا الحيوية على نحو يحقق لها قدر من مهمة تتطلب مثل هذه التدابير هى السلطة والوظيفة العامة ، الإقتصاد والثروة ، والثقافة والهوية . وبخصوص السلطة والوظيفة العامة فقد بدأ الإختلال منذ أول حكومة وطنية ومنذ سودنة الوظيفة العامة قبل رفع علم السودان وظل قائماً بل متفاقماً مع مرور الأيام الى يوم الناس هذا . ويمكن القول بأن تطبيق النظام الفدرالى يعنى تلقائياً توزيعاً معتبراً للسلطة ولوظائف الخدمة المدنية الولائية ولكن يبقى أمر السلطة الدستورية معضلة تتطلب حلولاً جريئة ويبدو من التعيينات الأخيرة لموقع القصرالجمهورى إن عبرة تاريخنا السياسى لم تستوعب بعد . ومهما يكن من شئ فنحسب أن الديمقراطية الحقيقية مفتاح الحل لمعضلة عدم التوازن فى السلطة الدستورية الإتحادية . فبعد الوعى الكبير بالمصالح والحقوق الذى إنداح فى فئات الشعب المختلفة فلا يسع أى متنافس فى مضمار السياسة إلا أن يوازن بين حظوظ مختلف الفئات جهوية كانت أو إثنية أو غيرذلك لينال سندها . ومما إفترضناه لدعم التوازن فى هذا الشأن كمعالجة دستورية ،إعطا السلطة التشريعية حق إجازة ترشيحات رئيس الجمهورية للمناصب الدستورية التنفيذية بحكم أنها أى السلطة التشريعية تمثل جهات وفئات السودان ومن المفترض أن توازنة .بين حظوظها فى أى نظام ديمقراطى حقيقى لايعمل بالإشارة أوالترغيب و الترهيب قد إنتوينا إقتراح تضمين الدستور مادة تفضى بترشيح مرشح الرئاسة مع نائبه الأول فى بطاقة واحدة على غرار النظام الأمريكى لتحفيز توازن السلطة ولكن صرفتنا إعتبارات قدرناها عن ذلك . أما بشأن الإختلال فى الخدمة المدنية وضباط القوات النظامية فلا مناص من مقاربتها بأسلوب المحاصصة أو ما يشبهها ولكن بتواثق دون التشريع الدستورى أو القانونى إذ ليس رشداً تقنين الإنقسام .ولولا شدة وطأة التحيز الظالم فى هذا المجال لما إفترضنا إفتراضه . وبالنسبة للثروة فإن الإختلال فى موازينها والذى تراكم عبر التاريخ على نحو ما فصلنناه فى الحلقة الرابعة ، لا يمكن تقويمه إلا بتدخل فعال من الدولة تتوفر له الإرادة السياسية الواعية بضرورة تقليص الفوارق ليس فقط بين أقاليم البلاد بل أقوامها أيضاً كأحد لوازم الوئام الإجتماعى . وفى الصدد يمكن تسعفنا تجارب إنسانية مثل تجربة مهاتير محمد بماليزيا التى عالج بها مشكلة الفوارق المذهلة بين القوميات الملاوية والقومية الصينية بخطة إقتصادية رفعت المستوى الإقتصادى للأولى بدون الإنتقاص من مستوى الثانية .
ونحو ختام هذه السلسة نأتى لمجال الثقافة والهوية الوطنية وكيفية التعبير عنها بما يخدم هدف بناء الأمة وهذا ما لا يقدره البعض حق قدره .وكما قلنا فى الحلقة الأولى فإن مسألة الهوية حيوية جداً حاضة لشباب القوميات التى تشعر بأنها مهمشة . ونظن أن الوجدان المشترك وغرس الشعور بوحدة الهوية ركن أساسى للوحدة الوطنية الحقيقية والطريق لذلك هو الأعتراف بالثقافات المختلفة والتعبير المتوازن عنها فى الخطاب الثقافى والإعلامى للدولة ولا بد من تدابير عملية لهذه الغاية . ولا نرى أدنى سبب للقوميا التى يعبر عنها البعض خوفاً على الثقافة العربية فحقائق الواقع تقطع بعدم وجود أى خطر على هذه الثقافة خاصة عنصرها الأهم أى اللغة . ففى مناخ التفعال الديمقراطى الحر لا تملك أى لغة محلية أو أجنبية مقومات مزاحمة للغة العربية فى السودان . وعليه فإن الإعتراف بالغات المحلية وتشجيع تطوينها يشبع حاجة معنوية ليس إلا.وعدا اللغة فإن عناصرالثقافة الأخرى ليست إلا أثراً للثقافة الوطنية .
}}


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.