نكون في معية عام جديد يضاف إلى روزمانة التاريخ، ولكن في سجل عام 2011 لن ينسى الناس الأحداث العاصفة التي سجلت في ذاكرة التاريخ من تغيرات سياسية واجتماعية كبرى تواترت أحداثها وتداعت في إيقاع سريع خاصة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي لتعكس على العالم كله والذي حبس أنفاسه وهو يلاحق ثورات الربيع العربي وحركة التغيير السياسي الكبيرة، التي بحسب المراقبين السياسيين فاجأت كل المحللين وأصحاب المصالح والاهتمام السياسي بالوطن العربي!! ما حدث في تونس وما أعقبه في مصر وتداعى في ليبيا وما مور في اليمن وسوريا أحدث تغييراً جذرياً لحالة السكون السياسي وغير في شكل التركيبة السياسية والاجتماعية للعالم العربي، وأسس لمفهوم سياسي طالما طالبت به الشعوب حكامها.. وعندما عجزت عن نيله خرجت للشارع العام الذي فرض إرادة الشعوب وتوقها للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة كأساس حقيقي للحياة. يرى مراقبون سياسيون أن هذه الاحتجاجات التي عمت العالم العربي وانداحت على بعض مدن العالم بعد فترة كما حدث في وول استريت وهايدبارك نتيجة للفساد والظلم والاستبداد وسوء الأنظمة السياسية والمالية والتي أدت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي مما جعل الأزمة الاقتصادية تنزل في كل بلد وتؤثر في الأسعار وبالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والصحية بتفشي الأمراض وارتفاع معدلات الانتحار والبطالة وحالات القتل والجرائم بفعل الضغوط الاقتصادية والسياسية ونشوء بؤر التوتر وانتشار السلاح والانفجارات والحركات المسلحة المتمردة في العديد من البلاد مما شكل سبباً أساسياً للشعوب للانفجار بالخروج إلى الشوارع تحت رزح كل هذه الضغوط مطالبة بالتغيير فكانت الثورات شعلة النار التي اندلعت وحرقت كل الأنظمة سواء بالهروب أو الاستقالة أو الموت على أيدي الثوار أو المماطلة والتصدي كما في اليمن وسوريا!! الشاهد على كل هذه الأحداث السياسية العاصفة يدرك أن عام 2011 سجل للعالم وولادة تغيير جديد من خاصرة الأنظمة التقليدية الشمولية ذات الحزب الواحد والشخص الواحد إلى نظام منتخب من الشعب بعد أن احتج وتظاهر وهزم السلطان بجيشه وعتاده كما في تونس، والآن يحدث في مصر وحدث في ليبيا ويمور في سوريا واليمن ليكون للشعب صوته واختياره لمولوده الجديد الذي بذل فيه من الدماء والشهداء مما جعله صعب المنال، ولكنه خير الخيار وثمناً غالياً للحرية والديمقراطية وبداية العدالة والمساواة. الدكتور عثمان السيد المحلل السياسي يرى أن ما جرى في 2011م أشبه بعملية جراحية عميقة للجسد العربي قبل أن يموت ويتعفن بفعل الأنظمة السابقة وأنه عاد للحياة بروح الشعب الباقية عن الحرية ومتنفس للديمقراطية وأن العالم كان ضحية للمؤامرات السياسية والمصالح الاقتصادية المتضاربة مع حقوق الشعوب والواقعة ما بين الأنظمة والقوى الغربية المستفيدة من ذلك مما أفرز الحالة الاقتصادية المزمنة والتي فاقمت من الشعور بالظلم، فكانت الثورات نهاية المطاف والمحك المفصلي لحركة التاريخ ليغير اتجاهه نحو الشعوب، ولتكتب الشعوب تاريخها بدمائها وينظر العالم مندهشاً ومستغرباً، لأن ذلك تخطى حساباتها ومراقبتها وشبكة جواسيسها. مهما قيل عن نظرية المؤامرة تظل الحالة السياسية التي حدثت بالمنطقة العربية من ثورات ملكاً جماهيرياً، و أبرز أحداث سنة 2011 لتفتح الباب في 2012 لمزيد من الثورات.