ونكتب لك مهنئين أولاً.. ومشفقين ثانياً.. ومتمنين ثالثاً.. ومنتظرين رابعاً.. ونبدأ بأول القصيدة وهي ليست كفراً.. بل هي أبعد مساحة.. من ظل أو ظلال حتى من مكروه.. فقط لاننا هذه الأيام.. واننا هذه تعني كل الشعب السوداني.. لا ونسة لدينا ولا حديث عندنا.. غير الحديث عن الفساد.. لو اجتمعنا في صيوان عزاء.. أو صالة أفراح أو حتى في موقف «بص» أو حتى «جوه» البص.. إلا وكنا نتحدث عن الفساد الذي اعترفت به الحكومة «ذاتها» والا لما انشأت له مفوضية.. لاجتثاثه أو محاربته أو على الأقل كشفه.. نقول مهنئين.. لأنك قد كلفت بمهمة ناءت من ثقلها الجبال.. ورغم ذاك الهول.. والأهوال قد قبلت ذلك التكليف.. ونقول.. ان صفحة من صفحات التاريخ.. تاريخ السودان.. وليس دفتر الانقاذ قد فتحت بل تنتظرك.. بيضاء من غير سوء.. فإما أن تكون هذه الصحفة.. قلادة.. ووشاحاً وتاريخاً شخصياً لك.. وإما أن تطوى أو ترقد في ذاك الدفتر وبها ظلال من اخفاق.. لتنضم إلى صفحات مثلها طواها النسيان وطالها الاخفاق.. هذا عن التهاني والاشفاق.. أما عن الأماني.. فالاحلام والأمنيات والانتظار هو ما نوقنه ونترقبه في شوق ولهفة وانتظار.. ثم.. أنا لا أريد أن افزعك أو اثبط همتك.. أو أشيع الوهن في عزيمتك.. أو أحدثك عن وعورة الطريق واجتياز الفيافي.. أو الأدغال..التي يربض في أركانها الشيطان.. أعلم أنك ستجابه أهوالاً من المصاعب.. وتلالاً من العراقيل.. وجبالاً من الموانع والحواجز.. انك - استاذي - ستخوض معركة حامية.. عنيفة وشرسة ضد فريق الفساد المتمرس في فن الاحتيال الماهر في لعبة الاختيار.. الشاطر في طمس الحقائق.. النابغ في التزييف.. العنيف في القتال للبقاء ليس على الحياة فحسب.. بل حتى على المكاسب الحرام.. انت تدخل مباراة ضد دهاقنة من المحترفين في فن كسب المعارك.. حالك لن يقل خطراً عن حال فريق من فرق «ليق» أمدرمان في مواجهة «برشلونة» أو «مانشستريونايتد» كان الله في عونك.. وبسم الواحد الصمد.. المعز المذل نبدأ وصايانا.. أولاً.. ليس هناك فاسداً ومفسداً.. الا وكان ذكياً ماهراً.. أو مسنودا واصلاً.. ثم إن الفاسد ليس غراً وغشيماً.. ولا بليداً.. وليس غبياً ليفسد تحت هالات الضياء وفي دوائر بهر الضوء.. وأمام الكاميرات والفلاشات وهو ليس ساذجاً حتى يترك وراءه أثراً.. أو بصمات.. تقودك إلى ضبطه بالجرم المشهود.. والآن إلى خارطة طريق نقترحها لك.. لتبدأ بها خطواتك التي نأمل أن تكون مباركة وناجحة.. ليس هذا تطفلاً منا.. ولا حشراً لأنوفنا فيما لا يعنينا.. بل الفساد يعنينا.. تماماً.. إذا كان اختلاساً.. أو تزويراً.. أو احتيالاً.. أو استغلالاً لنفوذ.. لأن الأمر أمر مال الوطن.. ولأننا مواطنين لنا حصة في ذاك المال.. يجب أن نعرف.. إذا كان هناك فساداً.. يجب ان نعرف أين ذهب ذاك المال المنهوب.. ومن هو ذاك اللص النهاب.. ان أول سطر.. أو رسم في خريطتنا هو الإجابة على السؤال من أين تبدأ.. والإجابة.. هي إهداؤك مقطع ضاحك من فصل كوميدي في مسرحية رائعة.. اسمها.. «شاهد ما شافش حاجة» المقطع هو.. في المحكمة وعندما طلبت المحكمة أو الادعاء.. من البطل عادل إمام الشاهد في المسرحية.. طلبت منه التعرف على المتهم.. فراح «إمام» يتفرس في وجوه أعضاء المحكمة.. باحثاً عن المتهم.. هنا قال له رئيس المحكمة.. «يعني حيكون المتهم بيننا نحن أعضاء المحكمة».. وعليه نطلب منك أن تبدأ التحري عن الفاسدين.. في مظان الفساد.. أبداً لا تبدأ.. ولا تهدر وقتك وأنت تبحث عن الفساد.. في حقول وبيوت المواطنين الفقراء شاغلي المناصب المتواضعة ولا أقول البائسة الوضيعة.. أبدأ مباشرة.. من ناطحات السحاب.. وشاهق الأبراج.. وعالي القصور.. وفخيم الفلل.. التي تعود ملكيتها إلي شاغلي المناصب الرفيعة العالية.. ويا حبذا لو بدأت من الخرطوم.. وبكرة نواصل..