حين تكون شفاهة يسمونها ملاسنات ولا أدرى حين تكون عبر الصحف ماذا نسميها.. دعنى اسميها - كتابات عدوانية - تظهر بين الكتاب اختلافات يستعصى رتقها..فتنطلق الى صفحات الصحف..آخرها المشاحنات المعروفة للجميع بين رئيسى تحرير من الشباب..اعتقد إن العدوان - أى عدوان-لابد ان تحركه نوازع شيطانية ..وللأسف ثمة من يقوم بعمل (المديدة حرقتنى) .. القراء ومع أنهم يدينون هذا ، لكنهم « بعضهم » .. يحبون هذا الضرب من التنابذ.. وربما لأننى خضت فى وحل هذه العملية عدة مرات..أحب أن أشرح كيمياء الدخول فى هذه الدائرة المسمومة ..خاصة عندما يكون الخصم-من الأصدقاء- فبعد أن تنجلى المعركة وتعود المياه الى مجاريها يتضح إنها كانت حماقات.. ليس إلا.. دخلت فى واحدة من تلك الكتابات مع زميل وبدأت الحكاية بمنتهى البساطة ثم تمددت..وأخذت أكيل له ويكيل لى..على طريقة السودانيين الحمقاء .. « يدينى كف أديهو كفين» ..وكان ينشر فى صحيفة وأنا فى أخرى.عندما يكتب يهاجمنى..تبدأ المواقف..بعضها مشفق وبعضها تحريضى وبعضها شامت وبعضها (يريد جنازة يشبع فيها لطم) كما يقول أهلونا فى شمال الوادى. -حسب نوايا المتصل يبدأ الحديث ..قريت الكتبو الزول السخيف ده ؟ ..أو إنت الزول ده مالو حاقد عليك كده ؟ ..أو أوعك تخليهو ثم يتطوعون بمدّك بمساوئ الرجل..وحيثيات سلبياته وقد يدخلون بك الى غرف النوم..أو الى العوائل... والأصل والفصل..فتكون أمامك «قاعدة بيانات » شريرة ..وغالباً ما تستخدمها أو تستثمر بعضها..فتكيل للرجل ويكيل لك.. عموماً تجد انك وقعت فى بركة آسنة ..لابد أن تتلطخ بالوحل وقد يصيب من حولك دون ذنب جنوه.. أو دون أن يكونوا طرفاً فى الموضوع ولقد سألت رئيس تحرير الصحيفة التى تنشر لخصمى آنذاك « هو ليس خصماً بل صديق عزيز » ..هل زاد التوزيع فقال لم يزد بنسبة كبيرة فقط أيام نشر الهجوم يزيد التوزيع بنسبة 25% .. ولا أدرى هل هى حقاً نسبة بسيطة..أما وصيتى فحتى إن أردت أن « تفش غبينتك» فلا تكتب مباشرة .. أذكر أننى قصدت أحدهم وكتبت عنه برموز يعرفها هو أو بعض المقربين وذلك عبر قصة قصيرة فألمته جداً وشكانى إلى «مجلس الصحافة » لكن اللجنة لم تجد ما يشير اليه من قريب أو بعيد ربما كانت طاقية انت لبستها..أخيراً نصحوه بأن يرد على بذات الطريقة ..فكتب ما اسماه شعراً ولم يفهم أحد القراء إننى المقصود بل ذهبت الاشارات الى آخرين فأسقط فى يده. -لماذا تروّج مثل هذه الكتابات ؟.. لمتابعة الناس! .. أذكر إننى رأيت فى كشك الجرايد إقبالاً على الصحيفة التى تكتب تلك المشاحنات فسألت السائلين هل تريدون الاطلاع على رد فلان المعلن عنه.. فردوا كلهم بالايجاب وأخشى أن تغرى زيادة التوزيع والإقبال الزملاء على زيادة جرعة التنابذ .. بعض كتاب الرياضة يتفقون على شتم بعضهم تمثيلاً لزيادة التوزيع .. وهو على كل حال أمر فيه خداع للقارئ فى حالة الاتفاق .. أما فى حالة ان تكون المشاحنات حقيقية ففى هذا ضياع لوقت القارئ فيما لا يفيد.. اللهم الا إن كان يشبع لديه« حاجات شريره» مثل حاجته الى الانتقام أو حاجته الى التلذذ بنواقص الآخرين .. على نحو أن تضحك على شخص وقع فى حفرة.. فالعرف السليم يتطلب أن تتعاطف معه لا أن تضحك عليه - عموماُ هى دائرة مسمومة خبيثة يجب أن نكظم غيظنا بقدر الإمكان حتى لا نسخر قلمنا « للبذئ والفاحش والعدوانى» من القول!.. الله يسترا ..