السفر للتاريخ متعة!! لا تدانيها أو تشبهها متعة أخرى أو توازيها!! التاريخ أقصر طريق للوصول لحقائق الحاضر المعاصر!! ü على هذه الخلفية طلبت من زميلتنا المحررة و النشطة والمثابرة بالقسم السياسي فاطمة أحمدون أن تذهب بنا عبر مركب التاريخ لنقرأ معاً مذكرة الحركة الإسلامية التي تشغل الساحة والناس «والأخوان» وغير الأخوان..! والهدف من ذلك إهداء القارئ «مذكرة» في التاريخ السوداني القريب والبعيد لأشهر المذكرات السياسية في تاريخ السودان، فالأشياء لا تحدث من «فراغ» ودائماً هناك مرتكزات وتشابهات «و حبال» ما.. «في مكان ما» تربط الأجيال ببعضها البعض!! ü وكالعادة تملكتنا الحيرة في تنفيذ الخطة فدار الوثائق «بيروقراطية» ورسوم باهظة .. وقلت ل (فاطمة): رحم الله البروفيسور محمد إبراهيم أبو سليم فقد كلفني أستاذي حسن محمد زين في الثمانينات بالذهاب لدار الوثائق والبحث عن تاريخ الكباري في السودان، ووجدت أمامي نوعاً من البيروقراطية التي تساوي بين «مهمة» الصحفي الذي يبحث عن معلومات محددة وسريعة و«مهمة» الباحث والطالب الذي ربما تمتد «ضآلته» لعدة شهور .. دخلت على «أبو سليم» وأنا غاضب، وبتواضع العلماء وأريحيتهم قال لي يا ابني رغم إنك اقتحمت عليّ مكتبي ولكنك صحفي وهذا واجبك الذي تستحق عليه التهنئة، ونادى «الموظفة» المعنية وأعطاها أمراً واضحاً يسمح لي بالدخول للمكتبة في أي وقت وبدون شروط ورسوم!! إنه يفعل ذلك لا لشخصي الضعيف ولكن للرأي العام الذي أسعى لخدمته!! رحم الله عالمنا الجليبل!! ü أما جامعة الخرطوم فقد كانت أيضاً ميسورة ومتاحة وتعج بالعلماء والمؤرخين والباحثين الذين يحدثونك ويمدونك بما تريد من قراءات وتحليلات بكل أريحية وطيبة نفس وبلا عناء. الآن .. الصورة مختلفة تماماً!! فقد قالت فاطمة إن هناك من قال لها: إن أغلب العلماء «المرجعية» إما توفوا لرحمة الله أو هاجروا!! والبقية لا يمكن الوصول إليهم بسهولة!! فأحدهم قال لها إنه مشغول حتى الخامسة وإن كان لابد من حوار فبالتلفون!! ü أليس من حقنا أن نغضب على التاريخ!! ومع ذلك فقد خفف أستاذنا الصحفي أحمد حنقة علينا بعض هذا «الحنق» فقد أهدانا عدداً جديداً من مجلته «السودان اليوم».. فيا للدهشة فقد كانت سفراً كاملاً عن ملحمة تاريخ الاستقلال، ولا يمكن وصفها غير أنها وقفة تأمل عميق لمراجعة مسيرة 50 عاماً في أهم فترة من فترات تاريخ بلادنا و تؤكد أن صاحب هذه الاصدارة يعي تماماً ماذا يعني التاريخ للناشئة و للجيل الحاضر وجيل المستقبل!! ü عندما نقرأ مراجعات «السودان اليوم» وما حوته من وثائق نادرة سيكتشف حكام اليوم أنهم في طريقهم لإضاعة وطناً غالياً وجميلاً كان اسمه السودان تعب في «مراده» الأجداد! ولا عزاء «لحنقة» و«فاطمة» ولكل من يحاول إضاءة شمعة أو «يلعن» الظلام في هذا الجو المظلم الكئيب!!