يصعب التنبؤ بأحوال الجو السياسي العام الذي يمكن أن يكون مشمساً ليصبح غائماً في لحظات، أو يكفهر دون توقع.. وأشرنا ذات يوم الى التوقعات لنتائج أحداث أو ظواهر معاشة تكون عادة أقرب للاستقراء، وهو في الأغلب الأعم قريب الى الحدوث و(الوقوع) بناء على التوقع وفق مقدمات منطقية تقود لتلك النتائج.. وليس أمر الطقس ببعيد أيضاً عن الوصول الى نتائج أقرب للواقع اذا استند على الملاحظة والمتابعة واتباع الطرق والمناهج العلمية، على اعتبار أن فصول العام متكررة والظواهر التي تصاحبها في كثير من الأحيان لا تكون جديدة. طبعاً أكتب عن هذا الموضوع لسببين.. وقد أشرت لهما بالأمس، الأول هو أنني لا أريد أن أكتب عن السياسة في هذه الزاوية منذ عدة أيام لأنني-بصراحة- مللت، والسبب الثاني أنني أستجيب لما يطلبه مدير التحرير الأستاذ عبد العظيم صالح الذي طلب إليّ أن أكتب عن (الجو) أو (الطقس) بدلاً عن الإضراب عن الكتابة بصورة عامة.. ولي سبب ثالث لم أعلن عنه سيكتشفه القاريء الذكي بين السطور.. وكل قاريء ذكي- قطعاً- وكثير من القراء يكون أذكى من الكاتب في أحيان كثيرة. نعود لموضوعنا.. وقد بدأنا هذه الزاوية بالتوقعات الخاصة بالطقس، ولست ميالاً لتسميتها المتداولة (تنبؤات)، لأن كلمة (توقعات) «أوقع» وأقرب «للواقع».. ثم كشفت عن أنني أكتب بناء على ما يطلبه مدير التحرير، الذي عادة ما يكون في كل صحيفة هو شرطي المرور الذي ينظم حركة سير المواد دون مخالفات أو إيصالات لا ترضي أحداً.. لذلك أجد أنني أدلف الى أمر مهم وخطير ومثير، مرتبط بما نشرناه قبل أسبوع تقريباً في صفحة «واحتنا» في حوار مع الأستاذ الدكتور محمد حبيب أحمد الكنزي، الأستاذ بكلية العلوم والتقانة في جامعة أم درمان الإسلامية، وأثار حفيظة شيخنا وأستاذنا الجليل البروفيسور أحمد خالد بابكر الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، إذ ذكر الدكتور الكنزي في ذلك الحوار أن أركان الإسلام أربعة عندما كان يتحدث عن أهمية الأرقام، وقد نشرت تحفظ الشيخ البروفيسور أحمد خالد بابكر وعلقت عليه في ذات هذه الزاوية قبل أيام، لكنني التقيت قبل يومين بالأخ العالم الدكتور محمد حبيب الكنزي الذي قال لي بتواضع العلماء، إنه استند في ذلك على اعتبار أن شهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هي أساس الإسلام، لتجيء بعد ذلك الأركان والركائز المتمثلة في الصلاة والصوم والزكاة والحج التي لا تستقيم أو تصح أو تقبل إلا بعد الشهادة، وقد دافع عن رأيه بالقول إنه أخذ ذلك من كتاب (الإسلام وأركانه الأربعة) الذي حصل عليه من مكتبة جامعة الملك سعود المركزية في الرياض، وعرض الأمر على فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي سأله أين وجد الكتاب.. وعندما علم بأنه حصل عليه من المكتبة المذكورة أشار عليه بقراءته.. وعزز الدكتور الكنزي رأيه بما ورد في صحيح البخاري (باب الإيمان)، وقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «بُنيّ الإسلام على خمس»، وهو قول وفعل، والقول هو الشهادة بينما الفعل هو العبادات. وبعودة للإرصاد الجوية نجد أن الأستاذ الدكتور الكنزي هو أحد مستشاري الهيئة، وقال لي إن التوقعات لا تكون صحيحة مائة بالمائة للاعتماد الكلي على صور الأقمار الصناعية، وترك العمل بنظام البالونات التي تكشف عن اتجاهات الريح ودرجات الحرارة.. طبعاً لم أفهم شيئاً، فالأمر أمر اختصاص وعلم ومعرفة.