ويتسائل المواطن بلسان ريشة فارس إذا كانت الثورات العربية الربيعية سوف يصبح مواطنوها بعد اثنين وعشرين سنة تحت حكم الاسلاميين مثل حال السودانيين بعد نفس العمر من الزمان، وأنا أجيب المواطن وأيضاً فارس.. لأقول إني لن أتحدث عن تونس ولا ليبيا.. واليمن باعتبار ما سيكون فاليمن الآن «في الطوة» وحتما ًوأكيد سوف تنضج الطبخة حتى وإن خبأت النيران.. لن أتحدث عن هذه البلدان لبعدها الجغرافي والوجداني عننا.. سأتحدث عن مصر الجارة والشقيقة والأقرب لمزاجنا وسبب آخر مهم جداً هو أن الاسلاميين فيها قد نهلوا مع «اخوانهم» أخوان السودان.. من نفس المورد.. وتدفقت في شرايينهم نفس ماء ودماء المنبع.. هم تلامذة نجباء وخلصاء لزعيمهم الروحي حسن البنا وأقول أن الانقاذ تتباهى وتفاخر بأنها أول دولة عربية غير ملكية ولا أميرية تحكم بشرع الله.. وما هو حصادها بعد اثنين وعشرين سنة وتزيد.. ولكن هل هو نفس المصير الذي ينتظر الأحبة جماهير الشعب المصري.. أنا أقول بالفم المليان نعم إن الاخوة في العدالة والحرية سيحاكون الانقاذ وينقلون تجربة الانقاذ في تطابق المثلثات.. والآن إلى مصر بعد اثنين وعشرين سنة من عمرالزمان. الأمر يحتاج إلى خيال ثم تأمل المعطيات والنظر في المقدمات للحصول على النتائج ونبت الخيال أو رسم صورة لمصر في ظلال حكم الأحبة الأخوان ولا أجد ما أقترع به رسم الخطوط الأولى من الصورة.. غير رائعة أم كلثوم التي من بين أروع كلماتها «فادنو مني وخذ إليك حناني.. ثم أغمض عينيك حتى تراني» والآن أنا أغمض عيني لأرى مصر وشعب مصر بعد اثنين وعشرين سنة ونبدأ بالجانب الاجتماعي والانساني.. يشهر الحكام الجدد سلاح «التمكين» ذاك الذي افتتح به اخوانهم في السودان مسيرة حكمهم القاصدة.. ملايين المصريين من أطباء ومهندسين وعلماء وأساتذة جامعات وموظفين وعمال مهرة وعمال «ساي» سوف يجدون أنفسهم في الشارع العريض مغادرة لمواقعهم ليحتلها في غلظة وقوة «القوي الأمين» ثم ندلف إلى الجانب الاقتصادي ونرى بعيون زرقاء اليمامة ليس شجرا يسير.. بل نرى مفاتيحا هائلة تحملها سواعد فولاذية.. باطشة.. مفتولة.. وهي تحلحل صواميل مجمع الحديد والصلب بحلوان.. صامولة.. صامولة ذاك المجمع الذي كان به «ناصر» يباهي ويفاخر ثم يباع خردة إلى رجال الأعمال من الطفيليين القتلة ثم تتجه نفس هذه الكتيبة «كتيبة» الاعدام إلى «نجع حمادي» لتحيل مصنع الألمونيوم إلى بلقعاً تهوي به الريح.. يتزامن ذلك مع تفكيك سكك حديد مصر نزعاً للقضبان والعلنكات.. لتصمت حركة القاطرات إلى الأبد ولكن يمكن أن يباع خط أو خطين لأحد الاخوان من الموسرين وتصبح محطة «رمسيس» ميداناً للحافلات والهايسات، وعند المرور بها تتدفق من عيوني الدموع بكاءً حاراً على ماضٍ بهيج وعظيم وهم يودعون إلى الأبد «باب الحديد» ثم يتجه الأحبة إلى المزارع والحقول لتنتهي وإلى الأبد أسطورة القطن التي لم يجرؤ حتى الباشوات المساس بلوزة واحدة من عصب دخل مصر القومي ثم نواصل محطة التطهير تطهير الأرض من رجس «شتلات الأرز» لترسو البواخر العملاقة المملوكة للأباطرة على شواطئ الاسكندرية وهي محملة بأرز «بسماتي» وأرز مختلف ألوانه وأشكاله.. آتيا من الهند وباكستان وجنوب شرق آسيا وهل نقوى على النظر في لوحة السياحة؟.. هنا يرتفع صوت العلماء والأئمة والمشائخ وهم يصيحون يرعدون ويحذرون.. إن السياحة رجس من عمل الشيطان.. وما هي الا ساعات بعد هذه الصيحة إلا واندفع شباب الاخوان في سيل جارف وهم يحملون «الطواري» والمجارف نحو حديقة حيوان الجيزة.. بعثرة للحيوانات.. قتلا وتشريدا.. ثم هدمها بالكامل حتى لاتكون مكاناًً لتسكع وصعلكة السواح الأجانب والعرب، وتتواصل الصيحات ويعلن أحد المتسببين أن الاهرامات هي مدافن للفراعنة ولايجوز مطلقاً زيارة القبور وخاصة أنها تضم رفاة أؤلئك الطغاة الذين أذلوا الشعب المصري العظيم.. وهنا.. تلغّم تلك الاهرامات بالأسلاك المنتهية أطرافها بأصابع الديناميت.. وبلمسة زر واحدة تتطاير الأحجار عالياً في صحراء الجيزة ويتذكر «الاخوان» مأثرة «الملا عمر» الخالدة وهو ينسف تمثال بوذا رغم رجاءات العالم.. كل العالم.. وعلى رأسه مولانا القرضاوي .. وغدا نواصل