المجلس القومي للصحافة عقد أول اجتماعاته بعد اكتمال جوانبه المهنية والفنية، حيث جرى انتخاب عشرة أعضاء من جملة عضويته بواسطة القاعدة الصحفية السودانية، ثمانية منهم يمثلون قاعدة الصحفيين، واثنان يمثلون الناشرين والطابعين والموزعين، وخمسة أعضاء منهم يمثلون الهيئة التشريعية (المجلس الوطني)، وستة أأعضاء يتم تعيينهم من قبل السيد رئيس الجمهورية بالتشاور مع الوزير المختص كما يقول بذلك قانون الصحافة والمطبوعات لسنه 2009، وقد اكتمل عقد المجلس كما اكتمل قيام الإتحاد ليعملا سوياً في معالجة قضايا الصحفيين في بلادنا العزيزة. وصحافتنا في السودان تعيش حالة من الانتعاش والتعدد والحريات تضرب مثلاً للنظام الصحفي المنظم بقانون في البلاد النامية، حيث تمثل حالتنا الراهنة التطور الطبيعي للنظام الصحفي الذي شهد أولى بذوره في بداية القرن الماضي في ظل الاستعمار البريطاني بصدور أول صحيفة في السودان عام 1903 ونعتبرها بداية برغم أن أصحابها كانوا أجانب جاؤا مع المستعمر وأن خطابها كان صوتاً للمستعمر وصوطاً على المواطن، لأنها لم تكن تعبر عنه ولا تحقق تطلعاته وآماله الى أن جاء عام1919 حيث أقام قادة الطائفية السياسية السيد عبد الرحمن المهدي، السيد علي الميرغني والشريف يوسف الهندي شركة مساهمة لتقوم بإصدار صحيفة حضارة السودان، وكان على رأسها كأول رئيس تحرير سوداني الأستاذ حسين الخليفة شريف.. فكانت تلك بداية حقيقية لمسيرة الصحافة السودانية التي ظلت تتكاثر وتقدم قضايا الوطن والمواطن على صفحاتها سواء في عهد الاستعمار.. أو في العهود الوطنية بصفة عامة. قانون الصحافة والمطبوعات كان مولده عام1930 بعد أن تزايد عدد السودانيين الذين يرغبون في إصدار صحف ومجلات وقد كان الهدف الرئيسي من إصدار هذا القانون الذي لم يتم إلقاؤه حتى اليوم هو أن يكون إصدار الصحف والمجلات والمطبوعات بإذن من الوزارة أو الجهة ذات الاختصاص، ولم يكن هذا القانون وقفاً على الأنظمة الشمولية وحدها وإنما ظل يعمل بموجبه تحت كل حالات وأنظمة الحكم في السودان.. إذن فهو قانون ينظم العمل الصحفي ويحكمه حتي لا تكون هناك فوضى في هذا المجال، فقانون الصحافة لعام 2009 أساسه هو قانون 1930 الذي صدر في عهد الحكم الثنائي الإنجليزي المصري الذي غادر البلاد في منتصف خمسينيات القرن الماضي. وفي السياق نفسه لابد لنا أن نذكر ونذكر الأبناء والإخوة الصحفيين أن اتحاد الصحفيين السودانيين قد نشأ في العام 1946 وكان أول نقيب للصحفيين السودانيين هو الأستاذ المرحوم أحمد يوسف هاشم (أبو الصحفيين) كما كانوا يلقبونه أو يقول به زملاؤه وأبناؤه .. ومجلس الصحافة جاء تطويراً وآلية معنية بإنفاذ القانون عقب انفضاض مؤتمر الحوار الوطني حول قضايا الإعلام وهو يعنى في المقام الأول بتنظيم العمل الصحفي وتطويره ورعايته.. هكذا كانت التوصية..إذن فهو معني بالمؤسسات الصحفية تنظيمها وترخيصها والسعي لتطويرها لتكون لنا في السودان مؤسسات صحفية حقيقية متطورة متقدمة، لها ما للمؤسسات الصحفية العالمية من مقدرات رأسمالية وبنيات تحتية وهياكل وترقية المهنة من خلال توفير فرص تدريب وتأهيل ورفع قدرات الصحفيين. والمجلس في تركيبته العضوية هو عبارة عن صحفيين منتخبين من شتى التخصصات المتنوعة التي تتوافق مع تعريف من هو الصحفي وفق المعايير الدولية، حيث أن الصحفي هو الشخص الذي يمارس العمل الصحفي المكتوب والمرئي والمسموع وليس ذلك التعريف الضيق الذي يعرف الصحفي بأنه ذلك الذي يحترف العمل في الصحيفة المكتوبة فقط، ففي تعريف الإتحاد الدولي والعربي والأفريقي يؤخذ بالتعريف الشامل الذي يضم الرسام(المصمم والكاريكاتيرست والمصور الصحفي والمصور التلفزيوني ومعدي التقارير والأخبار في الإذاعة والتلفزيون والوكالات وأساتذة الإعلام بالجامعات)، هكذا جرى توسيع قاعدة المشاركة المهنية حتى ولو اختلفت طبيعة عمل كل فريق من هذه الفرق، فهي في النهاية تعمل جميعاً في مجال الاتصال والإعلام والتأثير وسط الجماهير وقادة الرأي. والعمل الصحفي مهنة يلتقي في ذلك جميع الفرقاء.. وقد جرت محاولات لتسييس هذا العمل، ولكن مهما تلفح الصحفي بالسياسة فإنه في نهاية الأمر يمارس عملاً مهنياً ذا قواعد واحدة وأصول واحدة وطبيعة واحدة.. هي صناعة الصحافة، سواء أكانت بيضاء أم خضراء أم صفراء أم حتى حمراء.. وهو إما عمل في مجال الأخبار تنشر لتحقيق أهداف من ضمنها التأثير في الرأي العام.. وهنا يمكن أن تظهر الألوان والإتجاهات السياسية ولكن دون ذلك فالخبر واحد من القوالب الصحفية والتقرير واحد والتحقيق واحد والمقابلة واحدة.. فقط ما يفرق هنا ويظهر الألوان فهو المحرر الذي يقوم بعمليات التغطية الإخبارية والكاتب الذي يعبر عن وجهة نظره السياسية. كل عام والجميع بخير