الشارع المقصود هنا هو شارع افريقيا أو شارع المطار- كما يسمونه- والنفق هو ما أنشئ حديثاً في تقاطع السوق المركزي، والمدرسة نقصد بها مدرسة حلويات سعد الثانوية بنات، وقد يتساءل البعض عن ما علاقة هذه المسميات الثلاثة، ولكن لطبيعة ما نكتبه في هذا العمود دائماً من شرح للأشياء والتعريف بها، فإننا قبل الاجابة لابد أن نشير لكل منها، وبدءاً بالمدرسة فإننا نقول إن اسم المدرسة يوحي بأنها مدرسة خاصة وليست حكومية، ولكنها حكومية دماً ولحماً، وأظن أن هذه المدرسة قد اكتسبت سمعة طيبة من خلال نتائج الدخول للجامعات التي حققتها في سنوات مضت، ولا أنسى مطلعاً أن اسم مدرسة حلويات سعد كان يتردد مرات ومرات من خلال المذياع، والوزارة تعلن المائة الأوائل، إن هذه المدرسة بشقيها الجغرافي والنموذجي كانت رائدة في النجاح، أما اسمها فقد اكتسبته من اسم سعد أبو العلا- على ما أعتقد- ومصنع حلوياته، لقد كانت تلك الفترة متميزة بنوعين من الحلويات هما.. حلويات ريا وحلويات سعد.. ولم تكن شيكولاتات هذه الأيام قد ظهرت، ولا الماكنتوش، والأنواع الفاخرة التي تملأ البقالات والمحلات هذه الأيام، ورغم هذا الاسم الذي تحمله هذه المدرسة الكبرى، فإنه -حسب علمي- لا توجد صلة الآن مباشرة مع أصحاب الاسم خاصة في مجال الدعم المالي أو الاصلاحات، ولكن يجب وللحقيقة أن نقول أن المدرسة قد شهدت في الفترة الأخيرة اصلاحات متعددة في البيئة المدرسية، حيث تم الاهتمام بالتشجير، والتزهير، وإنشاء المسرح، والميادين، وخلافها، ولكن ما يشوب المدرسة العدد الكبير من المحال التجارية الاستثمارية أمام سور المدرسة، مما يخلق بيئة سوقية أمام مدرسة بنات ثانوية. أما الحديث عن شارع افريقيا فقد شهد تأهيلاً شاملاً، امتد حتى عد حسين وما بعدها، فتحول من مسارين الى أربعة مسارات، وأصبح شبيهاً بالطرق السريعة، وهو يعبر النفق الجديد عند السوق المركزي، وهو في الحقيقة ليس نفقاً وإنما كبري طائر لأن النفق يهبط الى دون سطح الأرض، وهذا يعلو على الأرض لعدة مرات. بعد هذه التعريفات الطفيفة نقول إن المقصود بكل هذا السرد، هو الخطر الماثل لمدرسة حلويات سعد لطالباتها وأستاذاتها وعمالها وزوارها، لقد سبق أن أشرت مختصراً الى أن شارع افريقيا أو شارع المطار يسبب خطراً للطالبات العابرات، وبالفعل راحت أرواح ضحية في هذا الشارع المقابل للمدرسة، أما الآن فإنني أحس أن الخطر قد تضاعف، ولابد من معالجة، فالشارع قد تحول الآن الى أربعة مسارات مسرعة، وقد ساعد قيام النفق في تسريع الحركة الهابطة منه والصاعدة له، مما يصعب عبور هذه المسارات الأربعة، إن الأمر قد أصبح الآن لجد خطير، وأن أرواح بناتنا طالبات هذه المدرسة قد أصبحت في خطر، زيادة على الخلل في المواعيد، فقد يتطلب عبور الشارع الانتظار طويلاً، مما يضيع الوقت المرتبط بالمواعيد الدقيقة للدراسة، إن وضعاً شبيهاً بهذا كان يواجه طالبات جامعة أم درمان الإسلامية الواقعة على شارع الثورة بالنص، ولكن في احدى زيارات الوالي للجامعة تم الالتزام بمعالجة المشكلة، وبالفعل قد تم الآن تشييد كبري طائر لعبور الطالبات، وقفلت منافذ العبور الأخرى بسياج، حفاظاً على الأرواح، أما في حالة أوضاع مدرسة حلويات سعد وشارع المطار السريع، فإن الأمر يحتاج الى وقفة للبحث عن معالجة، سواء أكان عن طريق كبري طائر أو تخطيط عبور مشاة، أو قيام شارات مرور ضوئية، أو على أقل شيء وأضعف الايمان تخصيص رجال مرور لتمرير الطالبات والعربات.. إنني أرى أن الأمر فعلاً يحتاج الى معالجة، وهو يحتاج الى متابعة من إدارة المدرسة ومجلس الآباء، مع الجهات الرسمية، من خلال المعتمد والمرور، بل حتى الوالي يمكن اشراكه في مساعي حفظ أرواح الطالبات، إضافة للدور الذي يجب أن تلعبه الوزارة لبحث هذا الأمر، المهم مع دعواتنا لمدرسة حلويات سعد بالنجاح والتوفيق والعودة للصدارة، والتهنئة للولاية على هذه الانجازات التي تمت في هذا الشارع والنفق، ولكن لابد من امتصاص الآثار الجانبية لها. قالت والدموع تذرف مدراراً من عينها حرقة وألماً: إن أهل زوجي هم مصدر تعاستي وشقاي وقد قلبوا حياتي جحيماً، قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم كيف صار هذا؟، قالت: والله لا أعرف أي سبب يغضبهم إلا أنني تزوجت وحيدهم ومحبوبهم، ورغم أنه أصر على أن نرحل ونسكن بعيداً من بيت والديه، إلا أنني رفضت ذلك رغم أني أعلم بأن البعد محنّة لكني خفت أن يحسوا بأني أخذت ابنهم من حياتهم وانفردت به بعيداً، ومراعاة لشعورهم ورغم ضيق المنزل لكني تحملت، بل تحملت حتى تدخلهم في حياتنا في أخص الأشياء من أكل وشرب ولبس وزيارات، تقول لي صديقاتي أرحلي إن النسيبة مصيبة وتلدغ كالدبيبة. إلى هنا والأمر تحت السيطرة رغم أنه لا يطاق ولكن ما زاد الطين بلة لم ننجب وزواجنا له حوالي خمس سنوات وراجعنا عدداً من الاختصاصيين الكبار بالدولة وطمأنوني جميعاً بأني سليمة مائة بالمائة ولكنه فقط يحتاج لعلاج بسيط لضعف الحيوانات المنوية لديه، بس من يقدر يقول البغلة في الإبريق، وأصبح ذلك حجة عليّ وصاروا يلمحون ويطاعنون ويقولون لو ولدتِ كان ولدك قد دخل المدرسة، ونسوا القدر ونسوا أن الأولاد قسمة مقسمومة وبدأوا في ترشيح عدد من الشابات أصغر مني سناً، هذه حلوة شديد، وهذه أخواتها كلهن والدات وماليات الواطة جنى، أنا متأكدة يا فضيلة الشيخ أن زوجي يحبني ولا يفكر في أخرى سواي، ولكنه فتر من تدخلهم، بل يقول لهم دائماً أنا اشتكيت ليكم، أنا مع زوجتي مرتاح جداً ولن أتزوج غيرها والجنى قسمة ونصيب، أنا متأكدة أنهم لا يشكون في أخلاقي والتزامي أبداً ولكنها كراهية لوجه الله، لساني وماسكاهو وكافية خيري شري ولا أتدخل في شؤونهم وأسعى جاهدة أن أعاملهم معاملة كريمة واعتبرهم في مقام والديّ، أصبحت معاملتهم لي سيئة جداً وكأنما الجنى بيدي وبخلت على ابنهم به، هل يا فضيلة الشيخ اتطلق، قلت: وما ذنب زوجك قلتِ إنك متأكدة من حبه لك ومن وقوفه معك، فماذا لو رحلتِ عنهم؟، قالت سيزيد ذلك الطين بلة، فإنهم من شدة حبهم لزوجي يسرعون لخدمته وكأنما أنا غير موجودة ولا يراعون مشاعري أبداً.. أنصحني دلني أرشدني أدعو لي ربك بالمخرج لما أنا فيه من هم ونكد وعدم إنجاب. قلت: إن شاء لله سأستخير لك الله عز وجل ليخرجك من شر هذه العداوة، ولما أتتني ثانية ذكرتها بالآية الكريمة: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». وقلت لها أيضاً يقول رسولنا الكريم عليه صلوات الله وسلامه عليه وعلى أصحابه الطيبين الطاهرين «تهادوا تحابوا»، وقلت لها مرت عليّ حالات قد أنعم الله عليهم بالإنجاب ومنهم من مرّ على زواجه عشرين سنة، إليك بهذا السر العظيم المجرب قوله تعالى: «ربِ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين»، وأيضاً «يهب من يشاء إناثاً ويهب من يشاء ذكوراً» قولي ذلك صباحاً ومساءً، وهذا الدعاء: «اللهم يا كريم يا ذا الفضل العظيم يا واسع الجود والكرم أكرمني بأولاد وبنات الواحد تلو الواحد يا واحد أحد يا فرد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد»، ثم ودعتني بعد أن أمرتها بالصبر والصلاة والإكثار من ما علمتها له، وبدوري صرت أدعو لها كثيراً ولما زارتني أظن بعد أربعين يوماً، رأيت الفرح والسرور يلازمها، بل طرد الهم والغم وعلمت بفراستي أنها لابد أن تكون حاملاً، فبادرتها على الفور هل نقول مبرووك، قالت: نعم والحمد لله والله العظيم أنت أول من حبيت من صميم قلبي أن أخبره بذلك الخبر السعيد، بعد ذلك من فضل وكرم صاحب الفضل العظيم تلد وتلدد وسنة بين كل مولود ومولود وانشغل أهل الزوج بالأطفال الحلوين الذين يشبهونه شبهاً شديداً مبالغاً فيه وحبوهم حباً عجيباً، وكما يقول أهلنا المصريين «أحلى من الولد ولد الولد»، وشيئاً فشيئاً انتبهوا لقيمة زوجة ابنهم وهي من أنجبت لهم هؤلاء الأحفاد الحلوين الذين لا يقبلوا أي كلمة في والدتهم. بالصبر كان الفرج والحمد الله على هذا المخرج الجميل.. وإلى اللقاء في مخرج جديد... قال تعالى: «ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً» سوة الطلاق الآية «2».