هي موظفة أحسبها تقية، شغلها عالم الوظيفة والفايلات والملفات ومجاملات الزملاء، والتنافس للصعود إلى الدرجة لنفسها، خفت بريق الشباب، وبدأ القطار في إطلاق صفافير التحرك، وقد تصاعد الدخان عالياً إلى عنان السماء، وقطار العرس يتجه إلى حيث مغيب الشمس، وكأنه قطار الجنوب ذو الاتجاه الواحد. انتبهت لنفسها سريعاً، وكان عليها أن تلحق وتقفز إلى ذلك القطار، وإلا كان الندم والحسرة والوحدة في الانتظار.. قالت: ياشيخنا أدعو لي الله عز وجل أن ينعم علي بالزواج ويكرمني بزوج صالح قلت: ذلك مبتغى سامٍ يجب أن تسعى إليه البنت، وأن يسعى اليه أهلها بالدعاء لله وبشتى الأسباب.. إذن من جانبي أسعى اليك بمعارفي، وأنت أسعي كذلك، وأني سوف أدعو الله عز وجل أن يعجل لك بذلك وقلت: هناك كيفيات كثيرة جداً من الأدعية وخصوصيات الأسرار، والحمدلله لقد جربتها وكلها نجحت بإذن الله أقرئي سورة يسن الشريفة على هذه النية وقولي هذا الدعاء «اللهم يا من أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، يا أرحم الراحمين زوجني بفضلك بعلاً صالحاً» وألحي في دعائك، وبعد مدة جاءني أحد من معارفي وهو رجل متزوج وله أسرة وظروفه- كما أخبرني- صعبة جداً، ويريد بصراحة زوجة ميسورة الحال، يعني زوجة مرطبة- كما يقول شباب اليوم- لعلها تعينه في ظروفه الصعبة.. والحديث«تنكح المرأة لمالها ولجمالها.. الخ» قلت الله يوفقك أدعو الله أولاً، وأنا كذلك أدعو لك، وواظب على نفس الدعاء وبنفس الكيفية «اللهم أبعث لي زوجة صالحة» وأظب على الدعاء وصار يتردد عليّ، وفي كل مرة يزداد إصراره على الزوجة المرطبة، خطر في بالي أن أجمع بينه وبين صاحبة الدعاء الأول، لا سيما وهي مرطبة جداً، وتمتلك ثلاث بيوت مؤجرة غير الذي تسكن فيه. اتفقنا على زيارتها وطرح الأمر عليها، ولكنه كان يتأخر لأي عذر، ثم بعد مدة ذهبنا لها بعد إصرار شديد منه، ولكننا تفاجأنا بأنها تزوجت بشاب صغير جداً هو بمثابة أبنها، ولكنه في منتهى السعادة بها، وقال إنه حفظ القرآن صغيراً، وأنه من الحفظة، وأنه راضٍ وسعيد جداً بزوجته، ويشكر الله كثيراً على قدره السعيد، أما هي قالت لي إنها حاولت جاهدة أن أحضر العقد وأن أكون وكيلها، ولكن الشبكة حالت دون الاتصال، وشكرتنا كثيراً، وسعدت بزيارتنا للتهنئة، وقالت يا شيخنا أعذرني فبعد أن علمتني الدعاء وأجزتني فيه، ورغم تحذيرك لي بأن لا أضيف عليه أي شيء، لكنني رغم ذلك أضفت «بعلاً صالحاً وصغيراً»، صار صاحبنا يردد من ذلك اليوم «أبعث لي زوجة صالحة وصغيرة» ولكنه ولو ترك الأمر لله عز وجل لكان أحسن، فما يرى أو يسمع بواحدة صغيرة إلا ويسرع لخطبتها، فتسأله هل لديه عربة، فيقول لا، وتسأله ما نوع التلفون الذي يملكه فيقول «تلاتين عشرة» فتقول له على الفور آسفة مخطوبة، فهو مايزال يصر على زوجة صالحة وصغيرة، ويومياً يسمع كلمة آسفة مخطوبة. الحمدلله على المخرج الجميل الذي تم للبنت أما هو فما زال ينتظره دوره الذي ربما يأتي أو لا يأتي أبداً. الحمدلله على هذا المخرج وإلى اللقاء في مخرج جديد.قال تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجاً» سورة الطلاق الآية(2).