صديقتي «ليلى الوسيلة» إمرأة ناضجة وأديبة فذة تعارفنا كاتبة وقارئة، راسلتني بعد أن بحثت عن رقم هاتفي، كشفت عن ثقافة عميقة ومفردات من الصعب مجاراتها ....أمٌ لشابات جامعيات وزوجة سودانية أصيله.. تصادقنا.. ولم تتقابل ياهو ده السودان.. العزيز دوماً بأهله أحييك صديقتي العزيزة وأرشحك بقوة للكتابة في إحدى الصحف، وأنا واثقة من أنك ستخطفين الأنظار... شكراً لأنك تكرمينني بأكثر مما استحق ...!! كتب الأستاذ الأديب «مؤمن الغالى» تساؤلات في الأيام الماضية عن المحامين، وهل يقبلون بالترافع في بعض القضايا الأخلافية كالاغتصاب والقتل وقال بلهجة اليساري الشفيف، بأنه لو كان محامياً لرفض الدفاع عن متهمين في أنواع معينة من القضايا، أقول لأستاذي، إن المحاماة مهنة إنسانية ذات أبعاد خاصة كالطب... فالطبيب يتعامل مع الجسد والمحامي مع الروح والنفس، والفعل الذي هو منوط بالمسؤلية الجنائية الذي تؤثر فيه كثير من المؤثرات اللحظية والبيئية والاجتماعية، فحين تقسم القسم القانوني تقول إن «نحقق العدالة» والعدالة تقتضي إن نسمع «الجاني والضحية» ربما كان الجاني ضحية أيضاً.. ولأنه بشر يعتريه مايعتري البشر من الضعف والنزق، والتهور، والانفعال، والظرف، والدوافع، فهل كل قاتل مجرم؟...الإجابة حتماً لا، وربما أجيبك في سانحة أكبر على الورق أو شفاهة وأقل لك كيف... فإذا حضر للطبيب مريض بالايدز أو داء عضال أو مرض معدٍ .... هل يرفض علاجه ...! وأنا واثقة من أنك ستدرك أن معنى كلامي هذا ليس دفاعاً عن المجرمين لأجل المال أو خلافه، إنما يحق لأي متهم «محاكمة عادلة» ويكفل له الدستور والقانون والشرائع حق الدفاع عن نفسه حتى «آخر لحظة» ولأعلى درجات القاضي.. ليصدر الحكم بأطمئنان وثقة، وربما كانت المحاكمة تحمل في طياتها إثبات الاتهام ونفي البراءة ....! وقد درج القضاء على انتداب محامين متطوعين من «العون القانوني» إن لم يكن للمتهم محامي للدفاع عنه. وحتماً لن تقبل إن كان أحد أفراد أسرتك مثلاً متهماً، أن يعاقب دون أن يأخذ حقه كاملاً في الدفاع عن نفسه زاوية أخيرة : المحاكمات تكشف في كثير من القضايا عن حقائق كانت غافلة عن الجميع، ومن العدالة ألا نحكم على إنسان مها كان جرمه ظاهراً، قبل أن نستمع إليه.. ولأن يخطيء الامام في العفو خيراً من أن يخطئ في العقوبة...