في الماضي ولي زمان لم يكن السودان يعرف الهوس الديني ، كنا نعيش في تآلف بدون منغصات من أصحاب الشط والضلالات ، في القرى الشمالية ما زالت هناك أقلية قبطية إمتزجت بنسيج الحياة دون أن يوجه لهم أحدا نظرة دونية أو يجرح معتقدهم ، وأتصور أن هذا السيناريو التوافقي في إيقاع التعايش يحدث في سنار ، عطبرة ، الأبيض بورسودان ، القضارف وفي العاصمة القومية . للأسف في الوقت الراهن طفرت في المجتمع هوجات من بعض أصحاب الهوس وهؤلاء يمكن ان نطلق عليهم ببساطة شديدة « ناس متين شافوه » ، طبعا يا جماعة الخير كما يقولون « خير الأمور الوسط حب التناهي غلط » . دعوني أسال سؤال عفوي جدا مالذي جلب سيناريوهات الهوس الديني إلى السودان وهل نحن في حاجة إلى التشدد رغم إننا موحدون نتمسك بالوسطية بعيدا عن الغلو أو التميع الديني ؟. أتصور أن المتغيرات في العالم حولنا إستطاعت التأثير على البعض ما جعلهم ينخرطون في حراك الهوس والتشدد ، كما أن وجود جماعات مارقة من جنسيات مختلفة في السودان في عقد التسعينيات الميلادية من القرن الماضي كان لها كبير الأثر في إنخراط البعض في هذه الموجة التي لا تشبهنا على الإطلاق . صدقوني أن بعض أدعياء التشدد في السودان يبحثون عن الكراسي الدوارة ، وإليك أعني فأسمعي يا جاره ، أو الشهرة كما فعل صاحبنا إمام المسجد الذي حاول فرض هوسه على الفنان جمال فرفور وربما في الغد تظهر سيناريوهات مثل هذه لدى محبي الشهرة ، وأقطع ضراعي لو لم يكن هذا الرجل أقصد إمام المسجد يبحث عن وسيلة للشهرة وأفتعال المعارك الخاسرة ، وهو يدرك تماما أن فعله هذا ستحمله الشبكة العنكوبتية الأنترنت إلى إصقاع الدنيا ودقي يا مزيكا ، الراجل خلآآآآآآص مكمل الدين من أوله إلى آخر ، خش راجل . عفوا هذه المداخلة تتشعب وتتسامي ، وتدخل في مسار آخر وتفرز أسئلة مشروعه ،الآن الثورات العربية بعد أن قطفت ثمار نجاحها ، أفرزت واقعا حمل الإسلاميين إلى عرش السلطة ، ولكن الإسلاميين في المغرب ، تونس ، مصر ، وحتى في ليبيا ، لم يظهروا عداء للآخر ولم يحاولوا شق نسيج الحراك التنموي والإجتماعي ولم يرعدوا ولم يزبدوا أن الدنيا دانت لهم وأنهم قبضوا على زمام الامور ، وإنما تعاملوا مع الواقع بعقلانية. لكن تعالوا نسأل أنفسنا ماذا لو حدث هذا السيناريو في السودان ، صدقوني في مثل هذه الحالات فإن أصحابنا « ناس متين شافوه » سيفردون عضلاتهم أكثر مما هي عليه الآن ويقلبون عاليها واطيها ، ويصبح السودان بقدرة قادرة واحة جميلة للهوس الديني ، هذا الهوس يجعلني أسال سؤال لئيم ولكنه خارج من عباءة المصداقية ، ماذا يريد أصحابنا المهووسون ، وما نوعية الإسلام الذي يمكن أن يحكمون به السودان ، يشهد الله إننا موحدون ومسلمون ولا نتعاطى مع الهوس ومجرياته ، التحية لكل من يعشق السودان المسالم ، السودان الذي كان يضرب به المثل في التعايش مع الآخر ، وغنوا معاي الهوس هوسي براي .