نظم المنتدى الثقافي الأسبوعي بنادي أصدقاء الكتاب باليونسكو ندوة بعنوان «دور الإعلام في تعزيز ثقافة السلام» بمقر المنتدى بالخرطوم، وتم تكليف كاتب هذه السطور بتقديم ورقة حول المضمون المشار إليه، وابتدر النقاش كل من الأستاذين سيف الدولة عطا الشيخ، وازهرى الفضل مختار، وأدار الندوة الأستاذ محمد طه أحمد عبدالله، بينما اختار الأستاذ عبدالمنعم عبدالرحمن- الأمين العام لنادي أصدقاء الكتاب- ركناً قصياً ليتفرغ لتسجيل كل شاردة ووارده، لتكون الحصيلة مادة خصبة لنشرها في العدد الأول من الإصدارة التي سيصدرها النادي خلال الأيام القريبة القادمة. قبل الدخول في تناول ما جاء في الورقة، كان لابد من القاء الضوء على منظمة اليونسكو الأم التي ترعى الأندية التابعة لها والمنتشرة على امتداد العالم. أنشئت منظمة اليونسكو عقب الحربين العالميتين وذلك في عام 1946م كواحدة من الوكالات الرائدة لمنظمة الأممالمتحدة، وأصبحت العاصمة الفرنسية «باريس» مقراً للمنظمة.. ولليونسكو لجان وهيئات عديدة تتكامل مع بعضها البعض من أجل تحقيق الرسالة السامية النبيلة التي قامت من أجلها. كما أن اليونسكو تعمل على تطوير العمل والاتصال، وتبادل المعلومات والأفكار، من خلال الفهم العميق المتبادل مع الأندية والروابط ومراكز اليونسكو ،التي توصف بأنها شريك أصيل في تحقيق أهداف ومرامي اليونسكو، الى جانب العمل مع الاتحاد العالمي لأندية اليونسكو، ومنوط به المشاركة في المؤتمرات والسمنارات والأنشطة الأخرى، التي يتم تنظيمها من وقت لآخر، وذلك من أجل التواصل ومعرفة أحدث المستجدات فيما يدور حول تلك الأندية والروابط والمراكز، ومن الإدارات المهمة أيضاً اللجان الوطنية لليونسكو، التي تنتشر في كل جهات الدنيا الأربع، والسودان واحد من هذه الدول، وتقوم اللجنة الوطنية لليونسكو في السودان بنشاط واسع لعله الأكبر في المنطقة العربية والافريقية. واللجان الوطنية لليونسكو المنتشرة في العالم- كما ذكرنا آنفاً- تقوم بالتنسيق، وتقدم النصح والمشورة والتواصل مع مؤسسات اليونسكو . عفواً سادتي لهذا الاستطراد الطويل، ولكن أين لي وأنا في حضرة اليونسكو وقبيلة اليونسكو التي لا تغيب عنها الشمس، إذ إنها منظومة لبرالية لشمس المعارف والاشعاع الثقافي، الذي يلف الكرة الأرضية كلها. من ثم ادخل في الحديث عن الورقة التي طرحت في هذه الندوة المهمة، التي نظمها نادي أصدقاء الكُتاب باليونسكو بالخرطوم.. حيث أشار معد الورقة في البداية الى الإعلام نفسه وظهوره في بداياته الأولى التي شهدتها الخليقة منذ الزمن القديم فقال: إن الإعلام اعتمد في طرائق توصيله للمعلومة على النار والدخان والطبول، ولعل أهل السودان قد مارسوا هذا النوع من الإعلام، ويؤكد ذلك المثل الشعبي السوداني السائد «دقو النحاس ولموا الناس»، والنحاس هو نوع من الطبول الضخمة التي يمكن أن يسمع صوتها على بعد مئات الأمتار. بعد ذلك جاءت مراحل تطور الإعلام، ففي روما القديمة أقيمت «الكلزيومات» الضخمة والكلزيوم هو مبنى دائري ضخم تحفه من الداخل مدرجات دائرية، وفي هذا «الكلزيوم» يوجه الحاكم مايريده من قول أو معلومة لرعيته، وكان هذا لا يتعد نطاق المدينة الواحدة، ثم ظهر الورق، وظهرت الكلمة المطبوعة، وانتشرت المعلومة.. ثم ظهرت الصحافة ثم الإذاعة ثم التلفزيونات.. وأخيراً الإعلام الالكتروني، الذي غطى كل جهات الدنيا الأربع بشبكة عنكبوتية هائلة، يمكن أن تستهدف تفاحة صغيرة، في غرفة صغيرة، في مدينة مغمورة في العالم.. وبذلك يكون الإعلام قد وصل الى أعلى سقف يمكن أن تشهده البشرية، والله أعلم ماذا يخبئ لنا الإعلام الالكتروني في مقبل السنوات القادمة. بعد الإشارة الى الإعلام ومراحل تطوره، يأتي الحديث عن استخدامات الإعلام في حياة الإنسان الذي ينشد دوماً الحياة المستقرة الهادئة المطمئنة، بعيداً عن كل ما يعتور هذه الحياة المستقرة المطمئنة عبر هذا المارد الضخم الذي اسمه الإعلام، فهو سلاح ذو حدين تجاه النشاط الإنساني، وبما أن الورقة تتحدث عن ثقافة السلام، فالإعلام يمكن أن يكون فعلاً تحريضياً لثقافة السلام، ويمكن أن يكون أيضاً فعلاً تحريضياً لثقافة الحرب.. غير أن الورقة وهي تدعو لثقافة السلام، فإن الحديث يأتي عن ثقافة السلام التي تدعو لها الورقة، ينبغي أن نعرف في البداية ثقافة السلام نفسها، وما المقصود منها، فهي مجموعة الموروثات المتجذرة في شعبنا الذي ينشد بطبعه السلم والاستقرار والطمأنينة، بحكم طبيعته الشفيفة، التي تنبذ العنف والحرب، ولذلك فإن شعبنا يدعو للسلم دوماً وثقافة السلام، ومن ثم فإن الورقة تتحدث عن دور الإعلام في تعزيز ثقافة السلام، حتى يمكن درء أخطار ثقافة الحرب التي يدعو لها الآخرون، ومن ثم وهي تتناول موضوع الورقة فقد دعت الورقة الى توظيف كافة وسائط الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، الى جانب وسيط الإعلام الالكتروني، ودعت الورقة الى توظيف الإعلام الشعبي المحلي عبر مكبرات الصوت المتجولة على عربة، وكذلك استخدام السينما المتجولة في المناطق النائية، وتوظيف «الحكامات» والدعاة وأئمة المساجد والمدارس والأندية الرياضية، الاجتماعية، الثقافية، وأندية اليونسكو المنتشرة على طول البلاد، وأن يتم ذلك عبر تفويج قوافل ثقافية الى مناطق التماس وبؤر التوتر في كل من دارفور وجنوب كردفان، ودعت الورقة الى أنه في حالة استعصاء تفويج هذه القوافل على نادي أصدقاء الكتاب باليونسكو، أن يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الثقافة، التي هي الآن بصدد تنفيذ خطة لتفويج قوافل ثقافية الى المناطق المذكورة، وقد تقدم بهذه الخطة الأستاذ مصطفى تيراب وزير الدولة بالوزارة، وقد وافق الأستاذ السموأل خلف الله وزير الثقافة الاتحادي على الهيكل المبدئي لهذه الخطة، ومن ثم فعلى نادي أصدقاء الكتاب باليونسكو استثمار هذه السانحة الطيبة لتقوم ضمن هذه الخطة بالدعوة لثقافة السلام بواسطة أجهزة الإعلام الاتحادية والولائية، وبعد الفراغ من عرض الورقة وتوصياتها، التي دعت فيما دعت الى ضرورة إصدار صحيفة شهرية من النادي، وكذلك إصدار مجلة فصلية ثم تم فتح باب النقاش، وجاء النقاش جاداً وهادفاً، وجاء بمجموعة من الأفكار الجيدة، وكان قد ابتدر النقاش كل من الأساتذين.. سيف الدولة عطا الشيخ الناشط في مجال الثقافة العامة وأنشطة منظمات المجتمع المدني- وأزهري الفضل مختار، الذي أثرى بمداخلته النقاش.. بقى القول إن ندوة نادي أصدقاء الكُتاب باليونسكو قد عقدت هذه الندوة في زمنها المناسب،، فالتحية لأمينها العام الأستاذ عبدالمنعم عبدالرحمن، الذي يعد رقماً مهماً في مضمار أنشطة أندية اليونسكو.