وندخل مصر إن شاء الله آمنين.. ولكن ليس عبر ميناء القاهرة الجوي ولا عبر أي ميناء بحري.. بل عبر جمعية الأخوة السودانية المصرية.. ولاحظوا جيداً كلمة «الأخوة».. لتكتشفوا أن كل جمعيات التواصل مع دول الأرض.. وشعوب العالم تحمل كلمة «الصداقة» إلا الحال مع مصر.. هي أخوة ذات زمام غير منقضب.. ونيل واحد.. يحمل كل لحظة.. الحب والتحايا.. والأشواق إلى مصر الجميلة.. الشقيقة والحبيبة.. ولابد من كلمات تقال.. ولابد لحقائق أن تحق.. ولابد لحروف أن تنطق وهي أن لا شأن للأنظمة أبداً بأخوة شعب مجيد وكريم.. لا شأن للحكومات مطلقاً.. بأي ظل يرتسم على لوحة الإخاء الشعبي المدهشة الوضيئة.. لأنه تظل علاقة الشعبين.. منسابة متدفقة كما النيل.. مهما اشتعلت سماء البلدين بلهب خلافات الحكومات.. وتظل راسخة شامخة ناعمة في أوج التصافي والسلام.. بين الحكومات.. وصدقوني ما من بلد على سطح الكوكب.. يجد فيه السوداني أنه بين أهله وشعبه ودياره كما في مصر.. فيها تحس بالأمن.. والطمأنينة.. تنام ملء جفونك عن شواردها.. وأنت في حضن وطن هو وطنك الأول والثاني والحقيقي.. نعم تحلق بك الطائرة.. لتطوي آلاف الأميال.. وتبحر بك العبارة وهي تشق مئات الكيلومترات وسط البحر أو النهر ولا تحس غير أنك في أجواء وبحار وطنك.. من غير حواجز أو حدود. إن جمعية الأخوة السودانية المصرية.. إنما ولدت لتعيد طلاء ذاك الجسر الفولاذي الهائل البديع.. حلقة لوصل وتواصل شعبين.. ولا عجب فقد هبت رياح كثيرة من شمال الوادي على السودان.. تدفقت الحروف والكلمات عبر المطبوعات الصادرة من أرواح وافئدة وعصب المبدعين من أبناء مصر لتعانق عيون وأفئدة إخوة لهم في جنوبالوادي.. وحقيقة أيضاً يجب أن ينتبه الأحبة في هذه الجمعية.. أنه لزام علينا.. وواجب علينا.. أن ننهض بواجبنا ونقوم فوراً بتفعيل إعلامنا.. إلى الشعب المصري.. نُعرفه بكل الذي يجهل عن أمرنا.. ثقافياً وفنياً ومجتمعياً.. حتى يعلم الأحبة في شمال الوادي ما غاب عنهم من معلومات.. طبعاً لا يختلف اثنان في قوة وفعالية ومهارة الإعلام المصري.. الذي حمل صورة الشعب المصري إلى كل الأمة العربية.. حتى صار المواطن العربي في كل بقعة من بقاع العالم العربي يعرف كيف هي مصر.. وكيف هو الشعب المصري.. كان ذلك عبر الفضائيات أو الأشعار أو الغناء.. أو السينما.. ولأن هناك خصوصية خاصة بين الشعب السوداني والمصري.. أرى أنه قد آن الأوان.. لإجلاء صورة الشعب السوداني في عيون الأحباب والإخوة في مصر.. وهذا يعني اعترافاً شجاعاً بأننا في السودان.. نتحمل هذا القصور المتمثل في عدم إجلاء أركاناً مهمة من نبض شعبنا وإيقاع شعبنا.. نعم صحيح أن المواطن المصري يجهل الكثير عن شعبنا ولكن صدره يحتشد بحب جارف وعاصف لشعب السودان. ومن هنا دعوني أهمس في أذن أعضاء جمعية الأخوة السودانية المصرية أن يكون أول واجباتهم جعل المواطن المصري يعرف السودان كما يعرف السوداني مصر.. لأن جل ومعظم السودانيين الذين هبطوا أرض مصر والقاهرة تحديداً.. يعرفون القاهرة شارعاً.. شارعاً.. يعرفون حاراتها ومقاهيها.. يعرفون مبدعيها.. وفنانيها.. يعرفون نجيب محفوظ وروائعه ومؤلفاته الكاملة.. يعرفون ماسبيرو.. والسيدة.. والحسين.. نأمل أن يكون كذا حال المواطن المصري الذي يأتي الخرطوم.. وهذا هو واجب الجمعية رقم واحد.. بل هو البند الأول في ورقتها المضيئة.