يظل دور معظم القوى السياسية في معالجة الأزمات التي تمر بها البلاد سالباً، فبعضهم يرى في تلك الأزمات وسيلة ضاغطة لمحاصرة الحكومة وإسقاطها، وآخرون يعطون الشرعية للمعارضة المسلحة باعتبار أن لها قضية في مواجهة النظام الحاكم تتعلق بالمظالم والتهميش وغيره، وهناك آخرون وبحيادية لا تخطئها عين يطالبون حكومة السودان وحكومة جنوب السودان بوقف الاقتتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد الجروح التي نزفت مؤخراً في «هجليج» ورفعت وتيرة التصعيد الإعلامي والعسكري ما بين الدولتين الشقيقتين، وبعض آخر من المعارضة يقول بأننا في الإمكان معالجة الأزمة مع دولة جنوب السودان وأيضاً لنا معالجات لكافة القضايا الشائكة التي تحاصر البلاد ولكن يدعون بأن حزب المؤتمر الوطني لا يتيح لهم فرصة التقدم بأفكارهم ولا يقبل إشراكهم في الحلول والمعالجات، وكل له تبريراته في موقفه تجاه ما يجري في بلادنا ولكن تبقى دائماً القضايا الوطنية مسؤولية كل الشعب السوداني بكل أحزابه ومنظماته إن كانت معارضة أو شريكة في الحكم، فالمؤتمر الوطني ليس مسؤولاً وحده عن ثوابت الأمة والقضايا الوطنية التي تتعلق بالاستقرار والحفاظ على كل شبر من أرض الوطن، فالذين يعولون على إسقاط النظام فقط دون الإسهام في المعالجات الراهنة، فإن هناك الكثير من الإشكالات لا تتحمل انتظاركم حتى يسقط النظام الذي من حقكم المشروع العمل على تغييره بالوسائل السلمية وبعيداً عن العنف والاقتتال، كما أن وحدة تراب الوطن ووقف نزيف الدم في ولاية جنوب كردفان والمعالجة النهائية للأزمة الدارفورية والعمل على خلق مناخ إيجابي ما بين دولة جنوب السودان والوطني كلها أمور لا تتحمل الانتظار حتى يسقط النظام، وكلنا يعلم علم اليقين أن عودة الاحتراب ما بين الدولتين الشقيقتين ستكون أضراره بليغة لكلا الشعبين، وقد تؤدي تلك الحروب المستحدثة إلى تجزئة جديدة للسودان الشمالي وصناعة دول صغيرة في النيل الأزرق وجنوب كردفان وتصبح دارفور أيضاً مهددة بالانسلاخ عن الدولة الكبرى مما يصعب علينا الأمر بتبعثر الوطن من بين أيادينا ونحن نملك الإرادة القوية في إيجاد الحلول الجماعية لكافة المعوقات التي باتت تهدد بقاءنا واستقرارنا في هذا الكون، وبالتالي يجب أن نضع أيادينا فوق أيدي بعضنا البعض في كل القوى السياسية ودون استثناء لأحد، وأن يتم لقاء ما بين كل رؤساء الأحزاب السياسية في الحكومة والمعارضة من أجل فقط تضافر كل الجهود لتحسين العلاقة مع أشقائنا في دولة جنوب السودان ومعالجة الأزمات في جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر التفاوض السلمي، وأن تقوم كل القوى السياسية بشجاعة وإيجابية في تدعيم سلام دارفور، لأن مسألة التفكير في إسقاط النظام فقط قد يطول وتضيع معه كل آمال الشعب السوداني الذي يواجه قضايا وإشكالات لا تتحمل الانتظار.