أعود لأكمل حديثي الذي بدأته أمس وهو يحمل العنوان أعلاه! قلنا إننا ذهبنا لعطبرة قبل أعوام وتحسًّرنا علي حال السكة حديد وما رأيناه من إهمال فظيع وترد ولم أصدق أنًّ الحال وصل إلى هذه الدرجة المؤسفة والتي قلت إنًّ المؤتمر الذي ذهبنا من أجله لن يستطيع فعل شئ تجاهها!! وأتوقف هنا عند زيارتنا للبيت الأول وهو بيت مدير عام السكة حديد وكنًّا نذهب لتناول الوجبات هناك ثم نعود للإقامة في الاستراحة الهادئة والمتوسطة الحال! جلست مع محدثي وكنا نضع الكراسي قرب الشاطئ على سور البيت الغربي. المنظر أكثر من ساحر!! والجلسة شاعرية!! قال: كان هذا منزل مدير عام السكة حديد في عهد الانجليز. أصحاب السكة حديد في السودان وآبائها الشرعيين لاحظت أنًّ خط السكة حديد يمتد من باب المنزل وحتى الخط الرئيسي سألت محدثي قال : إنًّ المدير كان وظيفة دستورية مهمة!! وحتى لا يحدث احتكاك بينه وبين الحاكم المقيم في الدامر!! تم بناء هذا المنزل في عطبرة. أيُّ «عظمة» كانت تعيشها السكة حديد آنذاك! أما خط السكة فقد كان القطار يأتي داخل المنزل ليحمل المدير في حالة سفرياته شمالاً أو جنوباً!َ أيُّ ابهة! إذا قارنًّاها بما أوردته الصحف قبل يومين حول غياب حكومة نهر النيل عن حضور الاحتفال الرسمي الذي أقامته السكة حديد ليوبيلها الذهبي بسودنة المنصب!! كان كرسي الوالي «خالياً». ليتهم لم يسودنوه، وتركوا الانجليز يديرون هذا المرفق الهام حتى اليوم!!. قلت ذات هذا الكلام قبل عامين في لندن وأنا أشاهد أجيالاً عديدة من القطارات القديمة والعتيقة ومتوسطة الحال حتى مترو أنفاق لندن العتيق كلها تجري بعناية ونظام ودقة وأناقة!! نعم السكة حديد مهملة!! ولن تفلح هذه المحاولات اليائسة والعقيمة لإعادة الروح فيها من جديد!! هي في حاجة لقرار سياسي كبير لم يحن آوانه بعد!! قرار يطيح (بمافيا) تظن أن عودة السكة حديد تعني هلاكها!! عندما قلت لأستاذنا إبراهيم الغبشاوي وهو خير من يعرف عطبرة والسكة حديد. سأكتب عن السكة حديد قال لي أرجو أن تتحدث عن العبارة «المسيخة» التي مللناها جميعاً وظلت تلوكها الألسن بلا فائدة «لا بديل» للسكة حديد إلا السكة حديد. إنه الشعار القديم!! إنه الوهم وما أكثر الأوهام في هذه البلاد.