سؤال يلزم أن نسأله لأنفسنا ونحن في مسيرة الحياة، وهو موجه إلى الرجال القوامين على النساء، الآباء والأعمام والخيلان والأجداد، ماذا أنت وماهو موقعك في المجتمع، ماذا يستفيد منك المجتمع، وأقصد بالتحديد مجتمعك الصغير الذي تعيش فيه، أين موقعك الآن في خارطة الحياة، شيخاً كنت، أم شاباً، أم كهلاً، ماذا تعطي لأسرتك الصغيرة، ولأهلك الأقارب ولأصدقائك وجيرانك من وقت ومال.. فإذا كانت الإجابة بالإيجاب، فأنت ذو وزن مقدر.. أما إن كنت عاطلاً وجودك وعدمه يصبح سيان.. الآن أنت تعمل، مرتِب يومك بين العمل والراحة في بيتك، فإن لك وظيفة يقدرها أهل بيتك فهي أمان لهم، ولما كان ما جاء في السنة النبوية المطهرة هو وحي إلهي، فإن الله يأمرنا أن نعمل حتى آخر أيام حياتنا، «أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».... أعطف كثيراً على العاملين الذين لا يخططون لما بعد المعاش، تستحيل حياتهم إلى بؤس وعذاب، مع أم الأولاد التي لا ترحم كهولتهم، ولا تعترف بالنعيم الذي عاشت فيه أيام شبابك وشيخوختك، فتذيقك من المرارة ما تعجب منه، وقد يكون عزاؤك أنها تحول حبها كله لأولادك، وتستبدل خانة القوامة، فتصبح هي التي تعمل وتبقى أنت نائماً في البيت، أو تحت ظل شجرة خارجه... أن مجرد التفكير في العطالة والتسول يصيب الإنسان بالرعب.. أن الخوف من المستقبل وما يحمله في طياته يصيب الإنسان بالكآبة.. أما الذين يخططون لعمل ما بعد المعاش فهم الذين يعيشون في أمان العمل. ماذا أنت الآن، إن الناس يحبونك، الناس جميعاً يحبونك، طالما أنت تعمل وتكسب قوت يومك، لعلهم مطمئنون إلى أنك لن تسألهم شيئاً يعطونك له، أو لعلك قد تساعدهم... أعرف العم آدم، وقد تجاوز عمره التسعين عاماً.. أنه محل تقدير خاص مني، فهو ظل يعمل منذ أن كان في العاشرة من عمره وحتى الآن..يذهَب بعد صلاة الصبح إلى السوق المركزي ويتاجر في الخضروات، ويساعد أولاده وأحفاده في أمان الله، وأعرف آخر كان من كبار الموظفين بعد المعاش، أفتتح محلاً لبيع الأرز باللبن، لم يضع سمعة الوظيفة تحول بينه وبين اكتساب المعيشة، وكثيرون غيره يديرون أمور المعيشة، لم يتعطلوا ولم يتسولوا.. فماذا أنت الآن وماذا أنت غداً؟!!.