منذ أن غادر الفريق صلاح قوش مستشارية الأمن القومي التي عين فيها كأول مستشار تسند إليه مهمة محددة دون سواه من مستشاري رئيس الجمهورية ، و بعد غياب مؤسس ألمستشاريه كثرت الأقوال عنها وعن مبناها الذي رجح بأنه سيؤول إلي جهة أخرى كما غاب الحراك الذي نشطت به في بداية عهدها مما ولد تساؤلات لدى الكثيرين عن الدور الذي تؤديه إثر غيابها الملحوظ تجاه القضايا القومية وفي مبناها الذي تكثر أمامه العربات الفارهة .. ..اتجهنا نحو الاستقبال وبتعامل محترم من القائمين علي أمره سألنا عن مسئول المستشارية فأشاروا إلي اللواء حقوقي حاتم الوسيلة وأخطروه بطلبنا لإجراء حوار ولكنه أكد بأنه ليس المسؤول وليست له وظيفة في المستشاريه ويقوم بدور تنسيقي فقط و أوضح بأنهم أوقفوا العمل الإعلامي بتوجيهات من اجل عمل إستراتيجية الأمن القومي وبعد إلحاح استجاب إلى إجراء الحوار لتوضيح الدور الذي تقوم به المستشارية . ألا تتضارب إستراتيجية الأمن القومي المنتظر مناقشتها مع الإستراتيجية القومية المعدة مسبقاً؟ - من المفترض أن تكون إستراتيجية الأمن القومي هي الموجه للإستراتيجية القومية، الفرق بينهما أننا في إستراتيجية الأمن القومي قمنا بتحليل كامل للبيئة الداخلية للسودان والإقليمية والدولية وهذا غير وارد في الإستراتيجية القومية وهي تتحدث عن السودان بعد الانفصال، وبينما إستراتيجية الأمن القومي وضعت على شكل السودان بوضعه الحالي وليس هناك أي تناقض لأننا في إستراتيجية الأمن تتم استقلالية سكان البلاد وهي تقترح آلية تشرف وتكون لديها القدرة على أن تنزل الإستراتيجية بقدرات، ولذلك لابد أن تكون لديها آلية مستقلة وليست آلية تابعة مثل آلية الإستراتيجية القومية. وهل تبعية إستراتيجية الأمن القومي لرئاسة الجمهورية تعني استقلاليتها؟ - الرئاسة هي الجهة الحاكمة والمفروضة على السودان، وبما أن الشعب السوداني يختار رئيسه عبر الانتخابات، فهذا يمثل قومية البلد. وأين وصلت مراحل إستراتيجية الأمن القومي؟ - المرحلة المبدئية لطرح مشروع إستراتيجية الأمن القومي الشاملة انتهت والآن رفعناه لرئاسة الجمهورية لاعتماده والإذن لنا بعمل الحوار القومي للإستراتيجية. متى نتوقع للإستراتيجية أن ترى النور؟ - نحن جهة تتبع لرئاسة الجمهورية ومتى ما أعطونا الإذن سننفذ المرحلة الثانية، فالمرحلة الأولى انتهينا منها أما الثانية تحتاج لتحضير وقد حضرنا لها تحضيراً كاملاً ولكن لن نبدأ ما لم نصل إلى اتفاق مع رئاسة الجمهورية، وأنسب وقت قبل منتصف يونيو لأنه بداية عام جديد بعد الانفصال الذي تم في يوليو الماضي وهي بداية مرحلة جديدة ومن الأفضل أن نسير بفكر إستراتيجي من اليوم في ظل الجمهورية الثانية. عمل المستشارية في بداياتها أحدث اضطرابات بينها وبين المؤتمر الوطني في إدارة عملها مما أدى إلى إقالة مستشارها صلاح قوش والأمين العام حسب الله، مما أكد للبعض بأن المستشارية ليست مستقلة وأن المؤتمر الوطني هو من يتحكم في سياساتها؟ - تأكد لنا من رئاسة الجمهورية أنه ليس الحوار الوطني القومي الذي تقوده المستشارية هو سبب الإطاحة بالمستشار، وإنما هناك مسائل أخرى. والمؤتمر الوطني رائد في عملية الحوار وقاد حوارات مفتوحة مع الأحزاب، والحوارات التي يقودها تفضي إلى شراكة واتفاقيات وقسمة سلطة وثروة وتؤدي إلى تحقيق مناصب، والمستشارية لا تقود حواراً سياسياً، بل قومياً يتعلق بالإستراتيجية فقط للخروج بمصالح السودان واستقراره، ونحن لسنا حزباً، بل مؤسسة قومية، والإستراتيجية التي أعددناها لا تتم إذا لم تشارك فيها بقية الأحزاب، فإذا قام بها حزب المؤتمر الوطني فلن تكون ملزمة للناس. هل ما زالت هناك محاولات لدعوة الشعبي والشيوعي للانضمام إلى الإستراتيجية؟ - لكي نكسب للإستراتيجية الرضى ، لا نوقف الحوار معهم على الإطلاق ومشاركة الشعبي والشيوعي في الإستراتيجية مهمة. المستشارية بالرغم من ما تملكه من إمكانات إلا أن دورها كان سلبياً تجاه القضايا التي مرت بها البلاد مثل أحداث النيل الأزرق وجنوب كردفان وغيرها من القضايا القومية؟ - المستشارية لم تغب وقد نظرت في كل أمر وقع في هذه البلد وكان لها دور وقدمت مذكرات مدروسة بصورة إستراتيجية ومجدية وقدمنا مذكرات عن أبيي والنيل الأزرق والتطرف الديني وعن الربيع العربي وعن الحدود، كما قدمنا مذكرة ممتازة جداً ونعتقد أنها عملية في كيف نتعامل مع دولة الجنوب وعن حدودنا مع دول الجوار الأخرى وعن الحريات الأربع بين السودان وجنوب السودان، ونحن في المستشارية جهة تنسيقية ومركز مشاورة ومهمتنا أن نتحدث عن مشكلة معينة ونطرح علاجنا ودورنا فيه، ولم يمر حدث لم نقدم فيه مذكرة لرئاسة الجمهورية، فكل الأحداث التي مرت قدمنا فيها مذكرات معقولة جداً ومبنية على التحليل والعلم. ما هي رؤيتكم حول الحريات الأربع؟ - الحريات الأربع اتفاق جيد ونحن حتى الآن قمنا بتحليل شامل ومبدئي نعتقد أنه لابد من اتفاق حول هذه المسائل ولم نبني تحليلنا عن عمل الموظفين أو العمال أو التملك ولكن هناك تداخل كبير بين الشمال والجنوب وقد قمنا بتحليل كامل لكل هذه المسائل ودرسنا المصالح والأضرار من الحريات الأربع ووازنا بينها بميزان العقل ومصلحة السودان، والظواهر المبدئية حتى الآن تشير إلى أن وفدنا ذهب في الاتجاه الصحيح. هل التقيتم بالوفد المفاوض وشرح لكم نصوص الاتفاقية؟ - لم نلتقِ بهم وقرأنا فقط نص الاتفاقية وقمنا بعمل تحليل علمي ربطناه بمصالح السودان وأهل السودان وليس بمصالح حزب أو مجموعة. وهل المذكرات التي يتم تقديمها ترى النور أم هي حبر على ورق؟ - نحن نقدمها لرئاسة الجمهورية وهي بعد ذلك لها أذرعها وجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولديها مؤسساتها العسكرية، وما نقدمه هو رأي. من خلال متابعتكم للأحداث، هل تعتقدون أن الدراسات والرأي الذي قدم من قبلكم بطريقة علمية بعد تحليل كما ذكرت، يؤخذ بها في بعض الأحيان؟ - ما نقدمه من آراء وأفكار يخضع لنقاش آخر وقد يمزجوا بين آراء الآخرين وتكون هناك أكثر من جهة تعطي رأياً وتطبق الرأي، ونحن نقدم رأينا في المسائل المهمة التي تهم البلاد. كيف تنظر لمستقبل المستشارية في وضعها الحالي؟ - حسب وجودي بالمستشارية وبصرف النظر عن أنني أعمل بها أو لا أعمل، لكن لابد أن تكون للدولة مستشارية للأمن القومي لتضع إستراتيجية للأمن القومي وتجددها دورياً حسب المستجدات والتطور الطبيعي، وأن تصل بقدر الإمكان إلى رضا وقبول القوى السياسية والمدنية الموجودة في البلاد وأن تخرج بقائمة مصالح الدولة لكي تكون ملزمة للجميع، فالتفكير الإستراتيجي يجنبنا كثيراً من مخاطر التفكير اليومي، فنحن نريد الخروج من تفكير الأزمات ونفكر إستراتيجياً، والآن إسرائيل لديها أربعة مراكز إستراتيجية. في السودان هناك أكثر من أربعة مراكز إستراتيجية؟ - المراكز الإستراتيجية الموجودة مراكز دراسات ولا تعني الإستراتيجية بالمعنى الصحيح المعتمدة على التحليل، فالإستراتيجية التي أعني هي التي تكون قد حددت إستراتيجيتها وتجاوزت مرحلة الرضا والقبول وأصبحت بعد ذلك مجازة من الدولة في إطار مصالح الناس، فاليوم إستراتيجية أمريكا مع الشرق الأوسط موجودة وكل من يأتي للحكم يعمل بها وفق مصالح بلاده وهي مصلحة محددة يتفق عليها كل الناس ويحافظوا عليها. هل تسعون لتضمين الإستراتيجية في الدستور؟ - لا تحتاج أن تضمن في الدستور ولكن كثيراً من المسائل الواردة في الإستراتيجية تصلح لأن تكون مواداً في الدستور وفيها كلام عن الحكم والعدل والاستقلال وقسمة السلطة والموارد الاقتصادية والبيئة والحقوق الأساسية، وكل ذلك يصلح لأن يكون سياسات، وأعتقد أنه إذا شارك بعض من وضعوا الإستراتيجية في الدستور، يستطيعون أن يقدموا أشياء جيدة جداً، وعلى العموم الإستراتيجية وحدها كمشروع في كتيب لا فائدة منها إلا إذا أجري لها حوار. بما أنكم تستعينون بخبراء وأكاديميين، هل استعنتم بمدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش بحكم خبرته؟ - على مستوى العلاقات الشخصية علاقتنا لم تنقطع، ولكن على مستوى العمل لا يوجد تنسيق. هل أصبحت المستشارية تحت إمرة جهاز الأمن؟ - من ناحية عضوية لا توجد علاقة مباشرة مع جهاز الأمن ولكن بما أن عملنا يصب في مسألة الأمن القومي، فإننا نلتقي مع جهاز الأمن والمخابرات والجيش والشرطة ووزارة الخارجية والشؤون الإنسانية والتعاون الدولي في كثير من أعمالنا، وهناك كثير من التقاطعات خاصة عندما نتناول مسائل الأمن والدفاع والعلاقات الإقليمية.