عندما ذهبت إلى القاهرة مستشفية في العام 2010م قام الأستاذ مصطفى أبو العزائم بتزويدي بأرقام هواتف لإخواننا في مصر لأستعين بهم في رحلتي التي كان يرافقني فيها شقيقتي أماني وصديقتاي محاسن الحسين ورقية أبو شوك وقد أكد لي الأستاذو هو يملي يده من أن أكثر من سيقدم لنا المساعدة هناك بتجرد وبروح الأخوة الصادقة هو الأستاذ زين العابدين محمد أحمد وقمت بالإتصال به من الخرطوم ورحب بنا كثيراً وأكد أنه سيجري كل اللازم وأنه سينتظرنا وبالفعل وصلنا للقاهرة بعد منتصف الليل وقد تخوفنا من أن لا نجده فنحن لم نكن نعرف الرجل إلا من خلال كتاباته ولم ألتقه إلا مرة واحدة وكانت عابرة عندما جاء يوماً للصحيفة زائراً.. المهم وجدنا الرجل حاضراً وكأنه يعرفنا قبل مائة عام وقد أجرنا شقة واخذنا اليها وأكرمنا أيما إكرام ولم يذهب إلا بعد أن اطمأن علينا.. وطوال وجودنا في القاهرة لم يفارقنا وحتى عندما لا يأتي كان يهاتفنا ليطمئن على أحوالنا.. وقد قال: كل من عرفه أنه يخدم كل من حوله طلب منه ذلك أم لم يطلب. سادتي الرجل صادق صدوق.. خدوم إلى الحد البعيد لم يكن ذلك رأينا فيه وحدنا بل هو رأي كل من عرفوه وزاملوه وصادقوه . فالرجل بشوش وصاحب إبتسامة لا تحدها حدود وفي ذات مرة كنا نجلس معه ولم يظهر عليه شيء لكنه كان يتألم ويتحمل لكنه لا يريد أن يشعر الآخرين بما يشعر.. وبعد أن خرج علمت ممن حولي بأن الرجل قد أصيب بالداء اللعين وحزنت جداً لكنني لم أستطيع سؤاله لأن الكلمات لن تستطيع أن تعبر عن الحدث.. لكني لم أتوقف عن السؤال عنه ومعرفة أخباره من المقربين. واصل زين العابدين رحلة علاجه دون ضجيج وقد جاء إلى السودان قبل فترة قصيرة وكان يواصل التحمل لكن المرض اللعين لم يتركه وأصر على التوسع بداخله وظل واقفاً إلى أن إنهار وحمل للمستشفى.. الله.. الله يا زين العابدين.. الله.. الله.. فقد رحلت جسداً وتركت إرثاً أخلاقياً ومهنياً.. وفنياً وأدبياً.. يصعب تجاوزه فقد كتبت ووفيت وستظل ذكراك باقية وخالدة ما بقيت الحياة. ونسأل الله لك الرحمة والمغفرة والقبول الحسن.. وأعود لأقول إن الكلمات تعجز عن وصف الرجل لأن أعماله أكبر من أن تسعها الصحف والكتب والمقالات.. فهو حاضر في كل المواقف الوطنية والإنسانية فوداعاً (أخو الاخوات) وإلى جنات الخلد إن شاء الله.