أبيض: الصديق مؤمن إليك أيها المهندم بحروفك الصادقة.. والمخضب بحضور المهدي في مجلسه المعتق.. إليك رصد للحظة إحساس من وحي المعركة.. وقبل أن التقيك في (ضفاف) أود أن أشير.. إعجابي بلمحة إعجابك بوردي.. وأنت تلوم الأستاذ حسين خوجلي.. وهو يطرب خفية.. فكثير من يحسن التجمل وتصيبه لائمة الكذب حينها.. وليبقَ ما بيننا وطن.. بقامة هذا السودان الواسع.. وليبقى ما بين غيرنا وداً.. وجمالاً.. وروعة إحساس.. وإن كان لها مدى.. ولك من الود.. خيوط مداها يتطاول.. تحياتي م. الفاتح وديدي صديقي مهندس وديدي.. وحروفك هذي.. ليست بيضاء فحسب.. بل هي مصباح شديد الإبهار.. أعجبني فيها روعة الحرف الندي.. أناقة المفردة.. بديع البيان.. أدهشني فيها احتفاؤك ذاك البديع بالوطن.. كنت أظن وبعض الظن يكون أحياناً غروراً وتفخيماً للذات.. وارتداء ريش طاؤوس أتيه به وأقدل.. كنت أظن أنه ما مشى على تراب هذا الوطن من يشتعل حد الحريق حباً للوطن.. بل كنت أردد أبداً بيت ذاك المتسول.. الراكع أبداً تحت أحذية السلطان.. الساجد أبداً مقبلاً نعلي سيف الدولة وكافور.. عندما هتف: ما لي أكتم حباً قد برى جسدي وتدعي حب سيف الدولة الأمم البيت فخيم البناء.. رهيب المظهر.. ولكنه مشيد من مونة النفاق.. مدهون «ببهية» الوضاعة.. مسقوف بجريد المداهنة والملق الرخيص.. وإذلال النفس.. لذا كنت أحوره ليصبح.. ما لي أكتم حباً قد برى جسدي.. وتدعي حب السودان الأمم.. نعم لقد انتظمت في صف الإنقاذ.. للمرة الأولى منذ إعصارها ذاك قبل اثنتين وعشرين سنة وتزيد.. ووقفت وسط عضوية المؤتمر الوطني.. فقط لأن الدفاع كان عن السودان.. وليس أولئك الذين يتجولون في ردهات النادي الكاثوليكي.. عاتبتني مرة.. بل لعلك سخرت منا نحن جميعاً في اليسار.. في تعلقنا بالأناشيد والأغاني الوطنية والثورية.. وها هو البيان بالعمل.. لقد ملأ مرسي صالح سراج.. والفيتوري.. وعلي عبد القيوم.. وهاشم صديق.. وود المكي.. وإسماعيل عبد المعين.. ملأ هؤلاء صدورنا حتى تدفقت بروائع وبهيج ورفيع الغناء للوطن.. لذلك كان لزاماً علينا.. بل واجباً علينا.. بل فرضاً علينا.. أن نهتف ملء أشداقنا.. وبكل قوة أفواهنا: بلادنا جميلة فاتنانا.. عليها يجب تفانينا.. ü أسود: هي تلك الظلال الشائهة.. وذاك المداد الرمادي.. بل الأسود القبيح الذي دلقه البعض تشويهاً لتلك اللوحة الوطنية البهية التي تصور شعب السودان.. يتمترس في الخنادق.. مع أبناء القوات المسلحة.. الظلال هي تلك الانتهازية البغيضة.. والشعب غافل من كل شيء إلا معركة الوطن.. وبعد انجلاء المعركة.. وجد أن أباطرة السكر قد أخفوا السكر.. توطئة للقفز بأسعاره تلك زادت المواطنين رهقاً.. وظل آخر هو ما صوره المبدع صاحب الريشة الذكية الصديق «نزيه» وهو يرسم كاركتير.. يصور فيه.. مواطناً يقود سيارة.. من داخل السيارة.. يرفع يده تعبيراً عن فرح عارم وتضامن صلب مع جندي يرفع عالياً هو الآخر يده التي تحمل بندقية.. ثم نفس المواطن.. على نفس العربة.. وهو في قمة الغضب والعبوس والوجه «مكرفس» و«مصرور» وهو يتلقى إيصالاً لمخالفة من شرطي مرور.. اختار «نزيه» للصورة الأولى اسم «تحرير هجليج».. واختارللثانية «تحرير إيصال».. «يعني فيها شنو لو ناس المرور أوقفوا المخالفات لمدة أسبوع احتفالاً بتحرير هجليج»..