أصبحت قضية شيخ الأمين هي قضية الساعة في أم درمان عموماً، وفي حي بيت المال على وجه الخصوص، بعد الخلافات التي تفاقمت وأحدثت حرباً ضروساً بين سكان الحي، وبين مريدي شيخ الأمين، تدخلت فيها السلطات منعاً لنتائج كارثية كانت محتملة لتصبح أكيدة. لأهل الحي الحق في أن يحتكموا الى موروثهم وتقاليدهم، بما لا يخل بالأمن في حيّهم ولا يعرضهم أو يعرض أبناءهم وبناتهم الى أخطار يرونها ويقدرونها، ربما لا يراها أو يقدرها غيرهم. وللشيخ الأمين ومريدوه الحق في ممارسة طقوسهم داخل حدود مسيدهم، دون آثار سلبية يتضرر منها الآخرون خاصة من هم في الجوار. لسنا ضد ممارسة شيوخ وأتباع الطرق الصوفية لطقوسهم وأذكارهم، ويحفظ لهم الشعب السوداني دورهم الكبير في بناء اللحمة الاجتماعية من خلال التماسك العقائدي والديني، ومن شيوخ الصوفية في السودان من لعب أدواراً وطنية لا تقل عن أدوار غيرهم من الدعاة والساسة وأهل الفكر، بل يكفي أن الكثير من أحزابنا السياسية قامت على قاعدة الطوائف الدينية الكبيرة والمؤثرة، مثلما هو واضح في طوائف وطرق الختمية والأنصار والطريقة الهندية المنسوبة للشريف يوسف الهندي. كثير من الطوائف الدينية وحّدت أقاليم كثيرة مثل الطريقة التجانية وأثرها في دارفور، وكذلك الطرق السمانية والقادرية والمكاشفية وغيرها في وسط وشمال السودان. ولا نحسب أن أحداً يختلف في دور تلك الطرق الصوفية والطوائف الدينية الكثيرة في وحدة أهل السودان واجتماع كلمتهم، حتى أن أحزاباً تطرح برامج إسلامية تجد نفسها تسعى للتقارب مع شيوخ تلك الطرق والطوائف، وبعضها يسعى الى وحدتهم جميعاً تحت مظلة واحدة، وقد حدث هذا في تجربة الإسلاميين الأولى عند قيام جبهة الميثاق الإسلامي، وتجربتهم الثانية في إنشاء الجبهة القومية الإسلامية، وتجربتهم الثالثة-كحركة إسلامية- في «توحيد أهل القبلة». ومع ذلك يبرز سؤال مهم وملح يستوجب إجابة عاجلة وهو: «لماذا يخرج الشيخ الأمين وجماعته عن النص المتفق عليه؟» و«لماذا يناصبون أهل حي استضافهم ووفر لهم المقر والساحات العداء؟». الذي حدث في حي بيت المال، أمر خطير، يتطلب تدخلاً عاجلاً من السلطات المحلية، لأن المشاكل لن تحل نفسها، بل يتطلب حلها اتخاذ قرارات لا يتضرر منها أحد. الذي نراه أمامنا الآن يستوجب أن نلبي رغبة أهل الحي، بنقل مقر ومسيد الشيخ الأمين من حي بيت المال، حتى لا يصبح المقر مثل مقار الحركات المسلحة والمتمردة- حركة مناوي نموذجاً- وأن تعمل السلطات-محلية أم درمان- على تخصيص قطعة أرض أو مساحة لجماعة الشيخ الأمين عند أطراف المدينة، بحيث لا يتضرر أحد ولا يضار شيخ.