استطاعت المرافعة الدبلوماسية التي قدمها الأستاذ علي كرتي وزير الخارجية أمام البرلمان الإسبوع الماضي أن تتنزع مرافعته على القرار( 2046 )مع إبداء بعض الملاحظات . وجاءت مرافعته علي عكس التوقعات التي كانت يشير إليها الجو العام داخل قبه البرلمان. ولم يختلف تقرير لجنة الشؤون الخارجية الخاص بالرد على بيان وزير الخارجية كثيراوً عن البيان ذاته الذي إجازه المجلس بالإجماع ورأت اللجنة قبول القرار من حيث المبدأ مع الأخذ في الإعتبار على التحفظات منها، في أولوية التفاوض حول المسائل الأمنية والعسكرية قبل المسائل البالغة وعدم التعامل مع عبارة الأراضي المداعاة واعتبرها فضفاضة ويمكن أن تجعل السودان يدعي معظم أراضي الجنوب بإعتبارها جزءاً منه. ورفض التعاون والحوار مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، والتي تحمل السلاح ضد الحكومة، بإعتباره شأن داخلي، يمس سيادة البلاد، بالإضافة إلى رفض تحويل دور الوسيط التي تحكم وأن السودان لا يقبل بأي قرارات تعرض عليه من أي جهة. إلى جانب رفض تجريم السودان في دفاعه عن أراضيه كحق ثابت تكفله القوانين الدولية. ولكن بالرغم من تلك التحفظات التي أثارتها اللجنة إلاأنها تمسكت ببعض النقاط من القرار، وفيها الإعتراف بحدود 56 بين السودان وجنوب السودان، وفقاً لإتفاقية السلام والقرار بعدم جواز تعديل الحدود بالقوة وسجل قوات الطرفين وراء حدود 1956م والتأييد على الإعتراف بهجليج كأراضي سودانية ولأنه التعدي عليها من قبل حكومة الجنوب بالإضافة إلى النص الخاص بضرورة حصر الأجزاء الناجمة على الإعتداء على هجليج. سيف وتفاوض وبالرغم من قبول البرلمان للقرار مع تلك التحفظات إلا أن رئيسه أحمد إبراهيم الطاهر أكد على ضرورة الإستمرار في إعداد القوة. وقال لابد من وجود سيف يسند التعا ضد داعياً إلى إبداء سوء الظن في كل خطوات الحركة الشعبية. وقال كنا في السابق نتعامل معها بحسن نيةٍ إلا أنها دائماً ما كانت تتنكر عن الإتفاقيات. وشدد الطاهر بأن السودان لن يتنازل عن قيمه عبر الضغط عليه. وقال أن أراء المجتمع الدولي أن تحزمه لابد بتبادل الإحترام والإعتراف . ولم يمنع قبول القرار النواب من التحذير من خطورته ومواصلة الجهد لإبراز بواطن الخلل فيه. ووجهت ساميه أحمد محمد نائب رئيس المجلس إنتقادات لازعة على الأداء الخارجي لوزارة الخارجية ووصفته بالضعيف وقالت: إن القرارات ليست نبتاً شيطانياً ولكنها تأتي من المعلومات التي تصل إلى المحافل الدولية وقالت كان ينبغي لوزارة الخارجية أن تنور العالم الخارجي باتفاقية السلام الشامل أول بأول واتهمتها بأنها لم تستطع أن تكون تحالفات قوية يستند عليها السودان في مثل هذه المواقف وأكدت سامية أن مؤسسات وزارة الخارجية تحتاج لإعادة نظر وترتيب حتي تقوم بدورها على أكمل وجهٍ. وبررت قبول القرار بأن السودانين جزء من العالم وقبوله بالقرار يوضح عيوبه من داخل وجوده في مجلس الأمن وأمهلت وزارة الخارجية (3) أشهر لتوضح للمجلس عيوب القرار وقالت ان القضية أصبحت بيننا وبين مجلس الأمن. اختبار غير مسبوق ومن جانبه وصف دكتور غازي صلاح الدين رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطني بالبرلمان القرار (2046) بالماكر والمسئ والمنحاذ مشيراً إلي الفرق الواضح بينه والقرار( 1706) مبيناً ان الأول لا يتعلق بالسودان وحده وهناك دول أخرى مطلوب منها ان تمتثل له .وقال: ينبغي ان يتجاوز وجهة قبول القرار ونبحث عن كيفية التعامل معه. مؤكداً أنه نبه للدور الكبير الذي تلعبه وزارة الخارجية في حماية الأمن القومي وأبدى د. غازي إستعداد البرلمان لمراجعة الميزانية العامة للدولة لمراعاة الأولويات الوطنية داعياً وزارة الخارجية لإعداد العدة للدفاع عن السودان وقال إنها موضوعة في اختبار غير مسبوق مشيراً إلى أنها أمام معركة سياسية قانونية. وأكد غازي على ضرورة ان يبدأ التفاوض مع دولة جنوب السودان من حيث انتهت اتفاقية السلام الشامل مشيراً إلى أن تطبيقها يعد البديل الوحيد لقرار مجلس الأمن. مشدداً على ضرورة الالتزام بالضوابط المحددة التي رفعتها لجنة الشؤون الخارجية وضرورة الالتزام بها وقال القرار فيه مساحات يمكن أن يحدث فيها تغول على صفوفنا الوطنية داعياً إلى تكوين لجنة رئاسية تضم كل ألوان الطيف السياسي لوضع استراتيجية شاملة للتعامل مع دولة الجنوب. قرار خطير أما النائبة د. عطيات مصطفى وصفت قرار مجلس الأمن بالخطير جداً ودعت للتعامل معه بحذر وتساءلت لماذا خرج القرار من مجلس الأمن والسلم الأفريقي دون إعتراض أي دولة ؟ وكذلك من مجلس الأمن دون اعتراض من الدول الصديقة للسودان.؟ وقالت إن القرار اُدرج لأول مرةٍ ولايتي ج كردفان والنيل الأزرق تحت البند السابع وقالت لابد أن نؤكد أن الولايتين ليستا جزءاً من التفاوض مع دولة الجنوب مؤكداً على ضرورة ان يخرج المجلس بقرارات تساعد وفد التفاوض من المرحلة القادمة ومن جانبه رأى النائب محمد طاهر أوشام من دوائر همشكوريب وضع استراتيجية سرية للتعامل مع دولة الجنوب داعياً إلى تكوين لجنة من البرلمان لمراقبة الموقف ومتابعة مجريات التفاوض. صلح الحديبية أما النائب المثير للجدل داخل البرلمان والذي رفض وصفه بالمتطرف دفع الله حسب الرسول قال: إن القرار فيه ضرر كبير على السودان ولكن ليس من الحكمة ان يرفضه مؤكداً أنه متسع لإ نتزاع الحقوق وشبهه بصلح الحديبية الذي وقعه الرسول «صلى الله عليه وسلم» مع كفار قريش وأضاف ان قبول السودان به يؤكد أنه في موضع قوة وليس انبطاح. اتفق مع نائبة الرئيس أما النائب أحمد حسن كمبال وجه هجوماً لاذعاً على أداء وزارة الخارجية وقال: إنها تفتقر للقدرات السياسية وقال: إننا ضعيفين إعلامياً مؤكداً المشكلة الحقيقية تكمن في طرح قضايانا بطريقةٍ علميةٍ للعالم الخارجي. وقال: خطأٌ أن نبني نجاحنا على فشل الآخرين.