يبدو أن سياسة التقشف التي أعلنها وزير المالية علي محمود حسب الرسول الشهر الماضي والتي بموجبها تم تخفيض مخصصات الدستوريين.. لم تعجب أعضاء البرلمان.. ففي جلسة الاربعاء الماضي طالب النواب بتقليص عدد الوزارات واعتبروا (ترهل) الجهاز التنفيذي سبباً في ارتفاع نسبة الفقر التي بلغت (46%).. والغريب أن أعلى نسبة فقر كانت وسط المزارعين ومربي الماشية.. وبلغت (59%) حسب الوثيقة المرحلية لتخفيف حدة الفقر في السودان التى تلاها وزير المالية أمام البرلمان هذه النسبة تعد مؤشراً خطيراً.. لأن الزراعة والإنتاج الحيواني هما أهم قطاعين في أي دولة بالعالم.. ويساهمان بشكل كبير في الاقتصاد وتعتمد عليهما الدولة في الصادر.. فكيف يكون أصحاب هذين القطاعين فقراء؟.. أي لماذا لا يتمتع المزارعون ومربو الماشية بعائد إنتاجهم.. السبب بسيط وهو إرهاق الحكومة (بكافة مستوياتها) للمزارعين والرعاة بالرسوم والضرائب.. ودخول وسطاء يستولون على الإنتاج بأسعار زهيدة.. فضلاً عن التشريعات والقوانين المكبلة.. هناك بغرب البلاد رعاة يمتلك الواحد منهم أكثر من ألف رأس من الأبقار ولا توفر لهم الدولة أي طبيب بيطري أو رعاية صحية لهم أو مياه شرب في الصيف.. حيث تنفق العديد من الماشية بسبب العطش. إذن انتشار الفقر ليس سببه الترهل في الجهاز التنفيذي الذي باستطاعة البرلمان (تحجيمه) وتعديل الحكومة التي يطلق عليها(حكومة القاعدة العريضة) وهي ليست بذلك.. وإنما (حكومة الهرم العريض) التي يعلم النواب بتفاصيل تشكيلها.. فالسبب يكمن في المخصصات التي تمنح للتنفيذيين والبرلمانيين.. حيث تتساوى المخصصات حسب حديث وزير المالية وعلى البرلمان إنصاف المزارعين والرعاة ليس بالمال.. وإنما بالقوانين التي ترد لهم حقوقهم وتشجعهم على الإنتاج.