يسخر الأوربيون من سيارة «لادا» الروسية الصنع التي توقفت الشركة من إنتاجها وأغلقت أبوابها.. ومن بين طرائف القول «الأوربي» فيها أنها «نفايات تتحرك على أربعة إطارات».. و«إذا أردت أن ترفع سعر اللادا فعليك أن تملأ خزان الوقود» نظراً لانخاض سعرها مقارنة بأسعار السيارات الأخرى.. وبرغم سخريتهم منها إلا أن «اللادا» كانت حاضرة ولا زالت في الحقول نسبة لقوتها وتحملها.. أما في السودان فإنها دخلت وتم تمليكها للأطباء في مطلع التسعينيات. ويحكى أن المرحوم الدكتور عوض دكام التقى بأحد زملائه الذين تركوا مهنة الطب وانخرطوا في السياسة.. حيث تسبق اسمه كلمة «دكتور».. فقال له دكام «إنت دكتور كيف؟.. لا عندك لادا ولا فاتح عيادة». ويبدو أن وزير المالية علي محمود حسب الرسول الذي شبه الاقتصاد السوداني بأنه «سيارة ذات إطارات تالفة».. يريد أن يقول للمتفائلين بقرب انفراج الأزمة «لا تحلموا كثيراً» لأنه لا فائدة من سيارة ليست بها إطارات جديدة.. لأنها حتماً ستتعرض للتلف حال عطب أي إطار منها.. بل يمكن أن «تنقلب» وحينها سينهار الاقتصاد تماماً.. ولن تنفع بعد ذلك المعالجات الحالية.. فالوزير منذ ظهور ما يسميه «التحديات» الاقتصادية بعد حادثة هجليج في مارس الماضي نفّذ كل قراراته لمواجهة التحديات والتي من بينها ترشيد الإنفاق وإيقاف الإستيراد لقائمة من السلع وإيقاف تمويل المشروعات.. غير أن هذه الخطوات لم توقف التضخم ولم توقف تدهور الجنيه السوداني مقابل الدولار.. وذلك لأن هناك خللاً كبيراً في الإنتاج بسبب إهمال الدولة الزراعة والثروة الحيوانية وهما القطاعان المهمان في البلاد.. حيث يمارس الأكثرية حرفتي الزراعة والرعي.. بل إن الدولة عندما التفتت للقطاعين وضعت سياسات لا تساهم بفاعلية في التطوير.. فمثلاً كيف يستوعب مربو وتجار الماشية السياسة الاقتصادية التي تدعو إلى تصدير كيلو الضأن بسعر «29» جنيهاً في حين أن سعره في أسواق الخرطوم ب«50» جنيهاً.. وأن سعر كيلو البقر ب«20» جنيهاً للتصدير.. وفي الخرطوم ب«30» جنيهاً.. إنها معادلات تحتاج إلى شرح لإقناع المزارعين ومربي الماشية بضرورة مضاعفة الجهد حتى تتمكن الدولة من شراء إطارات جديدة لاقتصادها.