حتى مثول هذه الصحيفة للطباعة لم يصلنا خبر ينفي ما قالته «آخر لحظة» أمس في صفحتها الأولى عن نية شركة الصمغ العربي بيع أصولها!! ü الصمغ العربي قصة حزينة في هذه البلاد. وكذلك سلوك بيع مؤسسات القطاع العام «بتراب الواطة»، قبل أيام صدرت فتوى تحرّم بيع حق الناس ومع ذلك الدولة ماضية في هذا السلوك والذي - والله أعلم - يدخل في باب «السفه» عند بعض الفقهاء!! ü قبل أعوام كنا في رحلة علمية في لمناطق ولاية شمال كردفان و تحديداً في الطرف الشرقي، ذهبنا لإحدى مناطق الإنتاج.. ورأينا على الطبيعة أحوال المنتجين وحالة الفقر والعوز التي تحيط بهم من كل حدب وصوب!! لم استطع إكمال زجاجة المياه الغازية التي قدموها لنا والتي جاءت معنا في عربة أخرى من أم روابة، كان الطفل الصغير ينظر إليّ وعيونه تقول لماذا لا تعطيني هذه الزجاجة الغازية؟! والتي قطعاً يدخل الصمغ العربي في مكوناتها كميزة تفضيلية لهذا المنتج السوداني الذي حبا الله هذه الأرض به وفشلت المقاطعة الغربية في استبعاده لأنه لا يمكن تجاوزه!! أعطيت الطفل زجاجتي وذهبت أسأل الكبار عن أحوالهم.. قالوا إنهم يحصلون على مياه الشرب بعد مسيرة يومين بالحمار!! وفي الخريف تموت النساء في «الولادة» لعدم وجود قابلة!! إذن الصورة واضحة ولا تحتاج لكلام الصمغ العربي فشل في تحقيق الحياة الكريمة لمنتجه الأول الذي يكد ويشقى و«يطق» ثم لا يجد إلا «طق الحنك»!! ü بيع شركة الصمغ العربي خبر ربما لا يثير الدهشة.. لأن الحال يغني عن السؤال .. الخبر يقول إن الشركة تسعى لبيع أصولها تجنباً لخطر الإفلاس خاصة بعد أن فشلت في تسديد بعض مستحقات العاملين!! الغريب والمدهش في الخبر أن شركة حكومية عرضت مبلغاً كبيراً لشراء المؤسسات المطروحة للبيع!! ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن الحكومة تبيع للحكومة!! والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا الغموض في عملية البيع!! فإذا كانت عملية البيع غامضة فكيف ستكون عملية التسليم!! ü الصمغ العربي قصة «حزينة» وعنوان لفشل كبير في إدارة أهم مورد طبيعي وهبه الله لإنسان السودان، أما الحزن القديم فهو طابع الغموض الذي يكتنف عملية بيع مؤسسات القطاع العام المملوكة للشعب السوداني بصورة بعيدة عن أسس الشفافية والوضوح.. رأينا ذلك في كثير من المؤسسات التي بيعت بتراب الفلوس، خير مثال الخطوط البحرية والنقل النهري وما خفي أعظم!! الصمغ العربي ليس استثناء حتى لو كانت شجرته تقف في العراء تبكي وتندب حظها العاثر!!