أسوأ البشر: هناك شكوي في عصَّرنا تقول أن الحضارة التي انشأت أفضل السيارات وأكبر البرادات، وأفضل أجهزة التلفزة، وأكثر وسائل التواصل تقدماً حتي صار جهاز التليفون المحمول، لا نحمله فقط إنما يحملنا ويذهب بنا إلي أي موقع في العالم، ويفتح أمامنا صفحات أغلب الكتب، هذا العصر الذي أنتج كل هذا، أنتج في الوقت نفسه أسوأ البشر، وهنا تصبح محنة حضارتنا هي التدهور الخلقي، لأننا تركنا الله، ونسأل ما هي الأعذار وتأتي الإجابة أنت بلا عذر أيها الإنسان، لأنه مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ.(رومية)،20 نحن بلا عذر لأننا فرطنا في مبادئنا، وتخلينا عن حق بكوريتنا بأكلة من الملذات اللاأخلاقية، وعندما نكف عن أن نكون صالحين، نكف أيضاً عن أن نكون عظماء . لقد أرتكبت حضارتنا حماقة الفكر، وأظلم قلب حضارتنا غباءاً، وصِّرنا جُهلاء، وصِّرنا نضيَّع تراثنا المجيد علي شهواتنا غير المجيدة، لقد وصف بولس الرسول حضارتنا وحضارة عصره هكذا وصفاً أعلن غضب الله العظيم علي روما الجميلة التي ضلت وأعوزها مجد الله، وأعلن أن غضب الله قد جاء سريعاً علي كل تعدياتنا، هكذا قال بولس: لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ(رومية1: 18-19)، ليس هناك أمر غير واضح لنا، ليس هناك فضيلة إلا وعرفناها، ليس هناك حق إلا وقد ظهر، ولكن الإنسان إعتاد أن يحجز الحق بالإثم، حتي يبتلع الحق من الإثم، ويبتلع الإنسان من آثام العالم وشروره لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ(رومية21:1)، إن كل شئ حولنا يؤكد وجود الله، حتي غير المنظور رأيناه، وقدرة الله السَّرْمَدية التي منذ الأزل حتي الأبد عايناها، ولكننا نصر علي الخطأ، لذا فنحن بلا عذر، وأهلينا بلا عذر، وبيوتنا بلا عذر، لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ.(رومية1: 21-23). نحن لن ننجو من موت حضارتنا، أن لم يحدث تغيير عميق في حياتنا، إن حضارتنا ستموت إن لم يعمل فينا سر التغيير، ونحن مفقودون وحضارتنا مفقودة إن لم نسمع نصيحة هوشع نبي الله، (اِزْرَعُوا لأَنْفُسِكُمْ بِالْبِرِّ. احْصُدُوا بِحَسَبِ الصَّلاَحِ. احْرُثُوا لأَنْفُسِكُمْ حَرْثاً فَإِنَّهُ وَقْتٌ لِطَلَبِ الرَّبِّ حَتَّى يَأْتِيَ وَيُعَلِّمَكُمُ الْبِرَّ.(هوشع12:10). نحن ينبغي أن نعرف أن ثقبا قد أنفتح في سفينة حياتنا، وهذا الثقب يمكن أن يكون سبباً في الغرق، أن شقاً في السَّد الحلقي يزداد الآن إتساعاً، إننا نحيا مثلما الناس في زمان نوح، لا ننتبه لتحذير، ولا نري ما هو أمامنا من محاذير، أن بلاده الإنسان لا تؤخر وقوع الكارثة، لم يكن الشعب في أيام نوح ينتظر الدينوية، ولكنها حلت بهم، لقد أصبحنا ناعمين ومستريحيين، وأصبحنا نجول بين قنوات التلفزيون، وعندما نري عرضاً لمآسي الشعوب نهرب إلي الكوميديا لعلها تريح أعصابنا، إن الملايين يهربون من وقائع الأخطار المحيطة بهم، ومن الأخبار المحزنة، ولا يعتبرون بشئ إنما تسير حضارتنا نحو الموت. نحو الحياة: ولن ينقذ حضارتنا من الموت إلا رجوعنا إلي الله، وسعينا نحو قيمه الروحية، إن علمنا أصبح جهالة لأننا لم نتعلم علم الله، ولم نفهم معرفة الخلاص، نحن الآن في مرحلة الإنحلال الفردي والقومي، نحن نكوِّم كومةً كبيرةً للإشتعال، سوف تُحْرقنا وتُدمِّرنا أن لم نستيقظ لقيمنا وفضائلنا، نحن نبني للخراب، نحن نتوسل للدينونة، اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ.(متي15:10). يقولون أنه في متحف الملك توت، حِبوباً من الحِّنطة، يرجع تاريخها إلي خمسة آلاف عامٍ مضت، وقد أخذت من قبور الفراعنة، ويؤكدون أنها لو زُرِعتْ الآن لنمت ونبتت وأزدهرت، وإيماننا بأن حبوب الأمانة والإحترام والبر ليست ميتة هو وحدة الأمل في أنقاذ حضارتنا من الموت، لأن الله يريد لكل الناس أن يخلصون، وإلي معرفة الحق يقبلون وتأكدوا أنه، لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لَكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ.(بطرس الثانية9:3). سأل شخصٌ ما: هل مجتمعنا يجوِّز عملية الموت أم هو يملق نفسه حتي لا يشعر إنه ميت، إن حضارتنا تتزين وتتجمل، ولكنها ستموت إن لم نرجع إلي الله ونتوب، ونسمع صوت الله و«الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ،(عبرانيين3: 7-8)، وأرجوكم لا تسلموا حضارتنا للموت طالما تعرفون طريق الحياة!!.