صاحبي هزمته الأحزان ، خاصمته الضحكة الندية ، هرب إلى دهليز الحزن ، لم أكن أتوقع أن الرجل المبتسم والضاحك يمكن أن تسرق الأيام أطلالته ، صاحبي دعاني لتناول طعام العشاء في مطعم بحري في عطلة نهاية الإسبوع ، للأسف وجدته متعبا ومرهقا مثل المصاب بحرقان مزمن في المعدة . قال صاحبي وهو يمد عصا الذكري إلى أقاصي الحزن أن أقرب الأشخاص إليه تسبب في تحطيم طموحاته وجعله لا يثق حتى في نفسه ، لحظتها تصورت أنه إنفصل عن زوجته رغم معرفتي بمدى الحب الذي يربط بينهما لكن عرفت أن زوجته بريئة من كل هذا العذاب الذي يتغلل في نفسه ويقبض على تلابيبه . المهم قصة صاحبنا أن أحد أخوته الذين وثق بهم وسلمهم جزء من تحويشة عمره لمتابعة مشروع منزل يخصه لهف ميزانية المشروع وترك صاحبي يشدو بصوت مشروخ على إيقاع أندب حظي أم آمالي . قصص وحكايات كثير على هذا النسق سمعتها من أشخاص ثقاة ولكن لم أكن أتصور أن مثل هذا السيناريو يمكن أن يصبح ظاهرة أو شبه ظاهرة في السودان ، حاولت أن أخفف على صاحبي أنه ما زال بصحته وأن مركزه المرموق في إحدي المجموعات المالية في الغربه يمكن أن ينقذه من الورطة التي تسبب فيها أخيه. أتصور يا جماعة الخير أن مثل هذه السيناريوهات لها إبعادا أخرى في السودان ، فطالما أن هناك حيتان وتماسيح تهبر من المال العام في الوطن الجريح ، أشمعني أن الغلابا والمسحوقين لا يأخذون حصتهم من أموال جاءتهم تسعي من كوارد أفنت زهرة شبابها في الغربة البطالة . المهم بعد أن إستمعت إلى إسطوانة صاحبي الذي خاصم الضحك وأصبح لا يثق حتى في ظله ، دعوته أن يفكر في إفتتاح مقهى للضحك لعله ينسى ما حل به من خداع ، صاحبي تصور في البداية أن الحكاية هظار ولكن أبلغته أن الضحك ربما يكون علاجا لحالته ، فحسب آخر الإبحاث العلمية عن الضحك ، أنه في بعض الدول المحكومة بالقبضة الحديدة زي حالاتنا هناك مقاه للضحك ، يرتادها الناس من أجل الضحك والقرقرابه لنسيان أحزانهم المتلتلة والمتنيله بمليون ستين نيله . وفي هذا الصدد يقال أن مجموعة من مواطني مينمار بورما سابقا إفتتحوا مجموعة من المقاهي لبيع الضحك ، ولدهشة المؤسسين ، فإن القهاوي أصبحت تستقبل يوميا آلاف الباحثين عن الضحكة الصافية الخالية من الشوائب ، لكن للأسف ، إكتشفت السلطات هذه المقاهي ، فتم إغلاقها بالضبة والمفتاح، ومش كده وبس بل إنه جرى إعتقال أصحابها وتم ضربهم ورفسهم حتى شاهدوا النجوم في منتصف النهار . . المهم دعوني أسال هل إذا أطلقنا مثل هذه المقاهي في العاصفة القومية ، هل يمكن أن يتعرض أصحابها للضرب والرفس من القبضات الحديدية ؟ وهل يمكن أن تخضع مقاهي الضحك للضرائب والجبايات والأتوات، أقطع ضراعي لو لم يتعرض أصحاب هذه المقاهي للتعسف والجبابات ، لأننا نعيش في السودان حيث الضحكة عزيزة وكل شيء فيه جايز .