الشجاعة هي سلوك متأصل لا يمكن اكتسابه ومهما يفعل المرء لأن يكون شجاعاً لن يستطيع، كذلك الكرم صفة متجذرة ودائماً ما تكون هاتان الصفتان متلازمتين، والكريم بطبيعة الحال شجاع والعكس صحيح. لا أميل للتطبيل في مسيرتي الصحفية، لا أحب أن أمدح الناس، أميل إلى نقد الناس من أجل الإصلاح، ولكن استوقفتني شجاعة الرجل عمر حسن البشير رئيس الجمهورية، هذا الرجل تزداد محبته في الأوقات الحرجة، ولا أجد ما أشبهه به إلا الذهب عيار «21»، كلما أشعلته ناراً، ازداد صفاراً وبريقاً وألقاً على ألق. المواقف كثيرة ولكنها لم تسوقفنِي كثيراً مثلما حكى لي صديق وحبيب يعادي ويخاصم الإنقاذ منذ ميلادها ويكره جميع منسوبيها ذكورها وإناثها، ولكنه يتعامل معي وهو يعلم أنني مؤتمر وطني، لا لسبب سوى أنني أقول الحق حتى لو كان على نفسي، الرجل خرج من مكتبي وهو يتجه إلى ميدان جاكسون نهاية يوم مضنٍ، فإذا به يرى الأخ عمر البشير يتجول وسط دهشة المواطنين، والناس حوله يا رئيس يا رئيس، فاندهش الرجل، وابتعد قليلاً وأخرج هاتفه من جيبه ليتصل بي ويقول(والله الإنقاذ دي شكلها تاني قاعدة عشرين سنة)، فقلت ليه؟، فقال الرئيس يتفقد حال الناس في ميدان جاكسون. الواقعة الثانية التي ذكرها الزميل الظافر في عموده بآخر لحظة، حول زيارة الرئيس إلى ميدان كوبر بعربات عادية دون صفارة أو حشود من الحراسات، إنها ميزة الحاكم المحبوب، تخيلوا في ظل ترقب المعارضة والنزول للتظاهر، يتظاهر الرئيس في ظاهرة قلت في هذا الزمان. شجاعة الرئيس مقابلها جبن وانسكار عدد كبير من الوزراء ووزراء الدولة في هذه الإنقاذ، ظللنا نتابع ليلة أمس جلسة مجلس الوزراء عبر التلفزيون حتى نهايتها، وكانت علامات البؤس والحسرة واضحة على وجوه الكثير من هولاء الوزراء، كانت تعابير وجوههم كالحة كأنهم يساقون إلى يوم القيامة، خاصة أن حديث الرئيس كان واضحاً ولم يجتهد كثيراً حيث ودعهم منذ بداية الجلسة، وقال إن السيف سيبتر جلهم، والذي يفارق مجلس الوزراء سوف يذهب إلى ساحة العمل العام. قدم وزير المالية حزمة من الإجراءات التي تساعد في تطبيق السياسة الجديدة، بقي شيء واحد وهو الفساد الذي ضرب أركان هذه الدولة، نخر عظمها، مص دماءها، وجعلها جسداً خواء، إذا فعّلت الدولة القانون وقانون الثراء الحرام، أجزم أن الشعب سيركع لها ويقدسها. لا يعقل عشرون عاماً ونيف من الحكم لا يقدم مسؤول بتهمة فساد مالي، هل هؤلاء ملائكة جاءوا من السماء أم بشر يمشون بين الناس. سيدي الرئيس المحبة بينك وشعبك ربانية، وسماحة خلقك وتواضعك ومشاركتك أنت ووزير دفاعك في أتراح الناس وتشييع الجنائز زاد هذه المحبة، أمضِ قدماً واكشف قناع السلطة الزائف وازِلْ الأورام الطفيلية تجد نفسك منديلا السودان.