في منتصف يونيو الجاري كان الحدث الأكبر في موضوعات حقوق الإنسان هو زيارة الخبير المستقل لحقوق الإنسان الجديد للسودان السيد/بروفسير مسعود النيجيري الأصل والذي خلف السيد شاندي الخبير السابق ومن الأهمية بمكان رصد الانطباع الأول للخبير الجديد في أول اطلاع مباشر لأوضاع المؤسسات والمنظمات العاملة في مجالات حقوق الإنسان خاصة أن الخبير ينحدر من أصل إفريقي مسلم هي دولة نيجيريا التي تتقارب ثقافته وقيمه مع السودان. فقد مر ملف حقوق الإنسان بمجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن في عدد من المحطات بدئا باللجنة الدولية للتحقيق في تجاوزات حقوق الإنسان في دارفور ومروراً بالراقبين الدوليين لحقوق الإنسان بالسودان انتهاءا إلي تعيين الخبير المستقل المعني بتقديم العون الفني ورفع القدرات للمنظمات والناشطين في حقوق الإنسان. وتأتي زيارة الخبير المستقل هذه المرة ورغم الأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد فهنالك ثمة انجازات جادة ومسئولة تم الإيفاء بها كاستحقاق دولي من مجلس حقوق الإنسان التابع لأمم المتحدة وذلك في مجالات تكملة المؤسسات والآليات الوطنية في مجالات العدالة الانتقالية وسيادة القانون في مناطق الحروب والأزمات وإنشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان فقد لعبت وزارة العدل السودانية بقيادة وزيرها مولانا محمد بشارة دوسة وفي فترة وجيزة من تسلمه لمهام هذه الوزارة المعنية بالتشريعات ومؤسسات العدالة وحقوق الإنسان لعبت دورا استباقيا في تحسين ملف أوضاع حقوق الإنسان بالسودان في طاولات الهيئات الأممية ومعالجة الاختلالات التي صاحبت النزاعات والحروب في بعض الولايات وكما اشرنا سابقا فان الخبير المستقل يأتي لأول مرة وتكون المفوضية القومية لحقوق الإنسان حقيقة قائمة وفق مبادئ باريس والمعايير الدولية بعد أن عاصر السيد شاندي في أخر زيارة له بداية قيام هذه المفوضية. لقد ظلت المفوضية الوطنية لحقوق الإنسان حبيسة القرار السياسي منذ عام 2005م كاستحقاق دستوري تبعا لاتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) وتمت اجازه قانون المفوضية في منتصف عام 2009م وظل مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة يستند إلي عدم جدية السودان في مجالات حقوق الإنسان في غياب الآلية الوطنية كاستحقاق دولي وفق مبادئ باريس وبتولي الوزير مولانا دوسة مهام الوزارة وفي اجتماع مجلس حقوق الإنسان بجنيف في نهاية عام 2011م وهو يعدد انجازات السودان في مجال تحسين وتعزيز حقوق الإنسان قطع وعدا أمام المجلس بإنشاء المفوضية القومية بعد اكتمال كافة الإجراءات القانونية في إجازة القانون وقام بتحريك الملف في مستوي القرار السياسي الرئاسي حتى تم الإعلان عن المفوضية في الأسبوع الثاني من يناير من العام الجاري. ثمة أهمية كبيرة للقاء الخبير المستقل عند زيارته الأولي بمفوضية حقوق الإنسان وتأتي هذه الأهمية من تصريحات الخبير السابق السيد شاندي وترحيبه بالمفوضية في أول أيامها وان المؤسسة الدولية تنتظر منها القيام بمهامها وسوف تتابع نشاطات واستقلالية المفوضية من خلال بعض الأجهزة الأممية الموجودة بالسودان مثل مكتب المجتمع المدني بمكتب الأممالمتحدة في السودان ووحدات حقوق الإنسان بالبوغير من دارفور. ومن المؤكد أن الخبير المستقل يضع في اعتباره ملاحظات سابقة وهو يلتقي بالمفوضية وقد تجاوزت الشهر الخامس. تجئ الزيارة الأولي للسيد بروفسير/مسعود للخرطوم والأوضاع السياسية -تمر بظروف استثنائية نتيجة الحرب مع دولة جنوب السودان والصراعات المسلحة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وما يلازم هذه النزاعات من أوضاع في مجالات الحريات والحماية. من خلال النقاط المجملة السابقة يمكننا قراءة توجهات السيد/ مسعود الخبير الجديد من التصريحات التي أدلي في المؤتمر الصحفي قبل مغادرته للبلاد وجاءت تصريحاته في المؤتمر الصحفي مسربلة بظلال عدم تمكينه من زيارة ولايات دارفور وجنوب كردفان وهو ما دفعه إلي التصريح بتراجع اوضاع حقوق الإنسان في السودان وركز علي حرية التعبير والحريات الصحفية التي تعاني من التدخلات باغلاق الصحف ومنع الصحفيين عن الكتابة ومصادرة الصحف واطلق هذه الصريحات والملاحظات في وجود كثيف لممثلي الأجهزة الإعلامية الأجنبية وقد ربط بين مهمته في العون الفني وبناء القدرات باقناع المانحين بالتطور الايجابي لحقوق الإنسان. ثمة سؤال منهجي نختم به مقالنا في موضوع الحريات الصحفية فان هنالك جهودا وطنية من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني مع السلطات الرسمية لإزالة تشوهات الحريات الصحفية وتقديم ميثاق الشرف الصحفي هذه الجهود يقودها الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بقيادة الدكتور تيتاوي ومجهودات أخري تقوم بها مفوضية حقوق الإنسان من حماية الحريات الصحفية السؤال النهجي لماذا لم يتم تمليك هذه النشاطات للخبير المستقل؟؟