المؤتمر الوطني بذل مجهودات جبارة من أجل أن تشاركه كل القوى السياسية، وفي ذلك كوَّن حكومة منتفخة ذات قاعدة ضخمة، وجيوش جرارة من التنفيذيين وأصحاب المقام الرفيع الى أن وقع الفأس في الرأس وأصبح السودان مواجهاً بأزمة اقتصادية طاحنة، وغلو في الأسعار على كافة السلع التموينية البسيطة، مما زاد غضب المواطن في مواجهة الحكومة، التي قامت بتدابير من بينها تخفيض أعداد الدستوريين في المركز والولايات، مع الإبقاء على رفع الدعم عن كل المحروقات، مما أدى الى زيادة تعرفة المواصلات وكافة سلع الاستهلاك اليومي، مما يؤكد أن تلك الحلول ستزيد معاناة المواطن البسيط، إلا إذا اتجهت الحكومة بسرعة فائقة نحو زيادة الانتاج، والاهتمام الكامل بتلك الزراعة التي كانت- ولعقود طويلة من الزمن وقبل لعنة البترول- هي العمود الفقري للاقتصاد السوداني.. حيث كان الجنيه السوداني يساوي في ذلك الزمن ثلاثة دولارات كاملة حتى 1982م، حيث كان القطن والصمغ العربي والثروة الحيوانية والتعليم المجاني والعلاج المجاني. إننا اليوم أمام مفترق طرق، والبلاد مهددة سياسياً واقتصادياً بعد حروب الأطراف والصراع مع جنوب السودان، مما يستوجب شراكة كل القوى السياسية في القرار السياسي، حفاظاً على تراب الوطن وتماسك شعبه، فالشراكة ليست في المناصب الشرفية، بل في كل ما يهم بلادنا.. فالمسؤولية ما عادت حكراً على حزب المؤتمر الوطني، بل كل سوداني مشارك في الحكومة أو معارض لها مسؤول عن الحفاظ عن وحدة واستقرار الوطن، مما يستوجب على النخبة الحاكمة أن تشرك الجميع في كل الملفات السياسية، وصولاً الى معالجات وطنية وكافة الإشكالات العالقة بدءاً بمباحثات أديس أبابا مع دولة الجنوب، والاشكالات الطرفية في النيل الأزرق، وجنوب كردفان وأيضاً تكملة سلام دارفور حتى تصبح الشراكة الشعبية حقيقية ويصبح الهم واحداً.