قبل أيام كنت «ضيفاً» على قناة الخرطوم في «مكتبي» بالصحيفة.. جاءني تيم لتسجيل إفادات مع شخصي الضعيف لصالح برنامج «الصباح اليوم» النابض والحافل كنهار الخرطوم «العاصمة» و«البلد» و«القناة». العملية استغرقت أكثر من ساعة وهذا الزمن ليس كله للتسجيل فنصف ساعة كنا تحت أوامر وتعليمات «معدة البرنامج منال» والمخرج والمصور.. وهاك يا تعليمات وتوجيهات لترتيب المكتب وإعداده للكاميرا. المخرج بدأ في استلام ال«Location» ثم بدأ خطواته في ترتيب «الفوضى الخلاقة» بالداخل و«لملمة الجرائد المبعثرة» في الساحة ومن ثم ضبط وضعية «الضيف» و«المذيعة» والتحكم في «الضوء» الداخل والخارج وكذلك تقليل الضوضاء خارج المكتب ومن ثم إغلاق الباب أمام حركة الدخول والخروج استعداداً للتسجيل!! الحوار الذي أجرته المذيعة رزان دار حول الصحافة وعذاباتها.. وكيف يبدأ يومنا الصحفي ولا ينتهي!! نحن نعرف متى نحضر للصحيفة ولكننا «نعجز» في تحديد الموعد الذي يتعين علينا مغادرتها..! هي عذابات وتعب وشقاء وما أكثر «الشقاء» هذه الأيام.. ومعها «التعاسة» كمان!! بعد إغلاق الكاميرا أدرنا حواراً على الطريقة السودانية \ شكل دردشة «لطيفة» حول علاقة الصحافة بالفضائيات، وهل هي علاقة «تنافس» أم تكامل.. قلت للشباب هي الثانية فالوظيفة واحدة والوسائل متعددة وخير مثال «مديركم قد جاءكم من باب بيتنا» أقصد زميلنا عابد سيد أحمد!! سألوني بحماس الشباب عن قناة الخرطوم!! قلت لهم شهادتي مجروحة في صديقنا عابد.. ولكننا نقول في حقه إنه الآن يحفر في صخر وسط منافسة حادة وإمكانيات «ظالمة»، مقارنة مع «جاراته» اللائي يجاورن قناته في ذات الشارع!! الآن شهادة المشاهد السوداني في صالحكم.. فالانتقال من الأرضية للفضائية لم يكن سهلاً ومع ذلك تجاوزت قناة الخرطوم هذه المرحلة برشاقة.. ويحمد لمديرها مخالفته ل«سوق» الفضائيات الذي يعتمد على الجاهز والمجرب، وربما تجد مثل هذه الخطوة انتقادات هنا وهناك ولكن نتائجها وثمارها ستظهر في المدى المتوسط وتتوفر للقناة كوادر مؤهلة وتحس بالإنتماء «للبيت» وهذه هي الطريقة الصحيحة والعلمية للتخطيط السليم لصناعة «البرامجيات» وإعداد وتأهيل «نجوم الغد» . وتحية وسلام لقناة «الخرطوم» لتكبدها المشاق من «أم درمان» للخرطوم..!