في منتصف الشهر الماضي اصدر مركز إدارة الأزمات ودراسات السلام التابع لمنظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور كتابه الرابع بعنوان طريق الإنقاذ الغربي حلم الفقراء وأمل الاقتصاد السوداني قام بإعداده شخصي وقد ظللت لأكثر من ستة أشهر ابحث عن المعلومات التاريخية منذ أن كان هذا الطريق فكرة في عهد الاستعمار وبالتحديد في عام 1947م وهو عام بدايات التنفيذ ومرورا بحقب الحكم الوطني ثم وقوفا عند إعلان رئيس مجلس قيادة الثورة (الإنقاذ) في نهايات عام 1989م حول الطريق وصلا إلي موقف التنفيذ في الطريق حتى طباعة الكتاب. من المفارقات والصدف أن يصدر الكتاب متزامنا مع بدايات أوضاع العسرة والتقشف الاقتصادي الذي وصل إلي حد الأزمة علي أثرها تم تعديل الميزانية السنوية وخصم 80% من الصرف علي الطرق في الميزانية المعدلة إضافة إلي اتخاذ قرارات وجراحات مؤلمة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية وتخفيض المصروفات الحكومية، أيضا تزامن إصدار الكتاب مع حراك واهتمام كثيف من كل الجهات التنفيذية والتشريعية والسياسية والشعبية حول طريق الإنقاذ الغربي ومآلات التنفيذ المتعثر كما وجد أمر الطريق مناقشات عديدة وتصريحات تم نشرها في عدد من الصحف والأجهزة الإعلامية وانتقل النقاش والتصريحات في نفس شهر صدور الكتاب إلي المجلس الوطني ومجلس الولايات وجاءت ردود الفعل من تصريحات الوزير احمد نهار وبياناته أمام المجلسين جاءت ردود عنيفة من بعض الشركات الوطنية المتعاقدة في تنفيذ الطريق كما أن تصريحات الوزير بشان عجز الشركات الوطنية عن الإيفاء بالتزاماتها التعاقدية الذي احدث تفلتا زمنيا واسعا في الموعد المحدد للانتهاء من الطريق وجاءت تصريحات الوزير حول شركة شريان الشمال بردود فعل علي المستوي الإعلامي وتناول عدد من كتاب الأعمدة في الصحف وفي مقدمتهم الأستاذ الصديق/ مصطفي أبو العزائم الذي ربط في عموده المقروء بين المعلومات التوثيقية التي جاءت في كتابنا (طريق الإنقاذ حلم الفقراء) وبين واقع الاتهامات المثارة في بعض الشركات الوطنية عن عجزها بعد أن تسلمت استحقاقاتها المالية ومطالبات الانجاز بالإيفاء بما تعاقدت عليه وطالب أبو العزائم في مقالاته بفتح تحقيق حول الطريق لتحديد مسئولة الفشل والأستاذ أبو العزائم تناول الموضوع بموضوعية وفكر إصلاحي ومهنية متجردة وهو قد امتلك ذخيرة من المعلومات من عدد من المصادر ومن بينها اطلاعه المبكر عن المعلومات الموثقة التي جاءت بكتاب طريق الإنقاذ حلم الفقراء أما بعض الإخوة الصحفيين الذين تناولوا مشكلة الطريق وتعثر التنفيذ فقد فارقوا جوهر المشكلة والقضية الاصلاحية فيها وتحولوا إلي اثارة أزمة بين الوزير وتصريحاته وبياناته أمام المجلسين وبين الشركة الوطنية شريان الشمال باعلاناتها الصحفية وتصريحات قياداتها وجهازه التنفيذي لتبرئة موقفها فجاءت كتابة هؤلاء الصحفيين اجترار (لدبر) في بطونهم وثورتهم علي البقرة المقدسة فانهالوا علي الوزير نهار وانكرو عليه منشأ استوزاره عن طريق التوالي الذي اتي به إلي الوزارة ونقبوا في تاريخ قريب عن ذلك الدور والجهد الذي قدمه للسودان مع بدايات الحرب في دارفور للبحث عن السلام وعدم تصاعد الموقف العسكري وقيادته لوفد بعلم الحكومة والذهاب إلي المتمردين في الميدان ومواقعهم القصية بجرأة وما اصابه في هذه الزيارة من عنت وتعسف حاملي السلاح المتمردين الذين لم يتوقف تعنتهم علي وفد نهار بل استطال مدينة الفاشر وام القرى امدرمان في مايو 2008م. في وسط هذه التقاطعات والصورة التي أطلقت عليها احدي الصحفيات وصف الهرج والمرج عند إلقاء الوزير لبيانه أمام المجلس الوطني فالحقيقة التي لا تخطئها العين أن الطريق لن يكتمل في الزمن الذي تم تحديده وستكون هي المرة الثالثة في الفشل بالايفاء بالمواعيد المحددة ولأسباب ظلت ملازمة لتعويق الطريق منذ بدايات عام 1995م ومؤكد أن اكتمال الطريق لن يكون في نهايات هذا العام للظروف الاقتصادية التي اشرنا إليها سابقا وتواصل أزمة التمويل في المكون المحلي لاستحقاقات الشركات الوطنية إلي جانب تقويم هذه الشركات وتزايد العقبة الأمنية في ولايات دارفور، أن سعينا في كتابنا المذكور لتقديم عدد من المقترحات التي جاءت بعد التحليل والمتابعة لأسباب الفشل في التنفيذ والالتزام القومي بإنشاء الطريق فان الواجب الوطني يتطلب منا جميعا ومن كل المهتمين بأمر الطريق أن نواصل النظر في المعالجات الحقيقية وان نعلي من الإرادة السياسية للسير قدما في إكمال الطريق وان الواجب يتطلب منا جميعا وكل المهتمين بأمره النظر إلي المقترحات بتجرد من اجل مصلحة اهل دارفور ومصلحة السودان حتى يتم اكتمال هذا الطريق بعد إزالة أسباب والمعوقات وتوفير الظروف الملائمة للانجاز وهذا لا يعني اغلاق باب التحقيق الذي طالب به الأستاذ مصطفي أبو العزائم في جوانب القصور التي لازمت طريق الإنقاذ الغربي حتى قال السيد الوزير أمام المجلس الوطني أن الطريق قد اخذ كفايته من الزمن. ولله الحمد