الأخ الصديق الوفي / مصطفى أبو العزايم لك التحايا والود - «طولة» شديدة منذ أن كنت أنت وكنت أنا بالأردن طلباً للعلاج.. وقبلها عبر الفاكس عايدتكم باسم شعبة التجار الشماليين. على كل سوف نلتقي لأشرح لكم الكثير المثير وإلى أن يتم ذلك أرجو نشر هذه المقالة في عمودكم المقروء« بعد ومسافة»، ولكم الشكر أجزله . الراحل سامسون كواجي ابن الفجلو: ينتمي الراحل سامسون كواجي لقبيلة الفجلو الناطقة بلغة الباريا، وهي نفس القبيلة التي ينتمى إليها أقري جادين، واليابا جيمس سرور والسلطان اسايا رحمة الله. كان أقري جادين وزيراً للمواصلات في عهد حكومة سرالختم، ومشهود عنه الخشونه السياسية نحو الشمال وكان انفصالي النزعة، وقد تم إعفاؤه من الوزارة بعد أن قام بصفع أحد موظفي الوزارة . أما اليابا جيمس سرور المكنى ب«الحجر الصلد»، هو مهندس تقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم في عهد النميري، وعرف عنه العناد الشديد وإذا أراد شيئاً لابد أن يحققه، ولا يتراجع عنه أبداً، وهو سياسي ماكر وذكي ومحبوب من قبيلته وكافة أبناء الإستوائية. وأيضا السلطان اسايا رحمه الله يعد من السلاطين السياسيين المشهود لهم بالحنكة والقبول وسط أهله الفجلو.كان كبيراً للسلاطين في المنطقة ويجد الاحترام الواسع من الساسة الجنوبيين. قبيلة الفجلو تقطن في منطقة لوكا ولاينا التي كانت بها أول مدرسة ثانوية عامة في الجنوب، درس بها كل ساسة الجنوب من الصف الأول والثاني مثل جوزيف لاقو وأبيل الير. تمتهن قبيلة الفجلو الزراعة والتجارة وبها نسبة كبيرة من المتعلمين الذين التحقوا بجامعات شرق أفريقيا أيام حرب الجنوب الأولى، مثل جامعة ماكرري التي التحق بها الراحل سامسون كواجي، وكان خريجو شرق أفريقيا يقودون تيار الانفصال ما قبل اتفاقية أديس أبابا، وأيضا كانوا وقوداً لتيار تقسيم الجنوب تحت زعامة اليابا جيمس سرور، لقد تعرفت على الراحل داخل منزل اليابا سرور، وهذا الرجل أي اليابا جيمس سرور صاحب القامة القصيرة والبدن النحيل من أصدق رجال الجنوب، وهو سياسي مقتدر يفكر بعقلانية ويرجع عن الخطأ إذا اقتنع به لذا تجد كل شباب الإستوائية قد التف حوله أيام طرحه لفكرة تقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم، وهو صديق لعائلة كوراك وكانت علاقتي به وما زالت علاقة قوية ويجد منا الاحترام الشديد. ولقد عرفت الراحل سامسون كواجي وهو شاب له حيوية ومثقف وذو طموح شديد مهذب في حديثه وأنيق فى هندامه، وكان يؤمن بتقسيم الجنوب من أجل تنمية الجنوب وليس تقسيماً عنصرياً كما أشيع حينذاك. لقد كان هو بمثابة الدينمو المحرك لفكرة التقسيم ومعه لوكا منويا وهما اللذان حركا شباب الإستوائية في عهد سيريلو حاكم الإستوائية آنذاك، ومن بعد في حكومة جيمس طمبرة إلى أن جاءت الانتفاضة، وكان هناك من يريد الرجوع إلى ضم الجنوب في إقليم واحد، وقوبل ذلك بالرفض من أبناء الإستوائية وكان من ضمنهم سامسون كواجي.. وقام اليابا سرور بتكوين حزب برئاسته وفاز في الانتخابات وتم له حكم إقليم الإستوائية وكان سامسون من وزراء تلك الحقبة إلى أن أتت الإنقاذ فانضم إلى الحركة الشعبية.. وعندما تم اختياره ناطقاً رسمياً للحركة، علمتُ أنه سيكون من أنجح من أوكلت إليهم الحركة هذا المنصب، وبالفعل نجح وأعجب به الراحل جون قرنق وأصبح من المقربين للدكتور قرنق وكانت له علاقات واسعة بحكومات شرق أفريقيا، بل هو الذى ربط العلاقات الوثيقة بين الحركة وساسة تلك الدول، وكان هذا الدور الكبير في شرق أفريقيا قد وجد تقديراً من قبل د0قرنق إلى مماته. ومن ثم واصل المسيرة مع الفريق سلفا كير الذى يعلم مكانته وأهميته الكبيرة ودوره في شرق أفريقيا فأبقى عليه في كل تشكيلاته الحكومية وإذا سألت عن أهدافه السياسية في الوحدة أو الانفصال تجده يحمل نفس أفكار اليابا سرور الذى يريد الوحدة في فدرالية في مصاف أمريكا، أقاليم مستقلة عن المركز تتمتع بكل عمل سياسي واقتصادي وعسكري وهي أقرب للكونفدرالية وبالعدم الانفصال التام، وهذا ما كان يريده سامسون 0 كنت أزوره في منزله بنيروبي في حي ساوث بي، وكان كريماً ودوداً يدعونا إلى منزله ولم يتغير كما يفعل الآخرون، بل كانت زوجته «عايدة» تخبز لنا الكسرة بملاح الملوخية والبامية، وقد علمت أخيراً أنها مريضة أسال الله لها الشفاء كما أعزيها في فقد زوجها كواجي. برحيل سامسون كواجي يكون الجنوب قد فقد رجلاً مهماً في ظروف صعبة للغاية، خاصة في المرحلة القادمة مرحلة الاستفتاء انفصالا أو وحدة.. ومكانته ستكون شاغرة لوقت طويل وهو الذي عمل لأكثر من ثلاثين عاماً بين أوربا وأمريكا وأفريقيا وبعض الدول العربية يبشر بالحركة الشعبية ونظامها لابد أن يكون قد كسب خبرة واسعة والجنوب أحوج مايكون لها. التعازي الحارة لزوجاته وأبنائه وكل أهل الإستوائية وأهل لانيا ولوكا وياي وتعزية خاصة خالصة للفريق سلفا كير ميارديت النائب الأول ورئيس حكومة الجنوب على هذا الفقد الكبير.