تفتحت أعيننا على شجر النخيل وهى شجرة يعتز بها أهل الشمال أيما إعتزاز وعندهم « الطين والنخيل » أساس التفاضل بين سكان المنطقة اى من عنده آراض زراعية وفيها النخيل مزروع فإنه محل التقدير والإحترام لأنه يجلب الى صاحبه الثروة والجاه . خلال العقدين الماضيين تراجعت هذه النظرة إذ لم يعد إنتاج التمور مصدراً للثروة لتدهور أسواقه بل صارت حقولاً للبيع بالكسر أو مايسمى بأسواق المواسير حالياً تدهورت أسعار بيع التمور لأن السوق لم يعد فى حاجة كبيرة للأنواع التى تزرع بمناطق زراعته إذ لم يتم إدخال اى أساليب علمية حديثة لزراعة النخيل خلال حقب الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى والجهود التى بدأت من قبل بعض المنظمات الأهلية لاتزال فى طور التجريب وفى حدود ضيقة جداً بل ولم تفلح الجهود الرسمية المحدودة فى معالجة أمراض قشرة النخيل . فى مناطق زراعة النخيل لايزال الصنف الغالب هو البركاوى والذى كانت سوقه رائجة حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى بل وكان الناس يقيمون مناسباتهم من زواج وختان بعد موسم حصاد التمر إذ تكون الجيوب قد اكتنزت بمال التمور وأهالى المنطقة كافة يجرى المال بين يديهم ويقضى الناس ديونهم وتسدد المطالبات التى تحملها دفاتر « الجرورة » من تجار المنطقة. الجهد الحكومى فى تطوير زراعة النخيل والحصول على أنواع جيدة من التمور جهد متواضع بل ولا وجود له يحسه المواطن الذى يتوقع أن يحصل على النصح والإرشاد والمساعدة باستجلاب الانواع الجيدة من النخيل التى تنتج تمراً رطباً ومن الأصناف التى يتم تصديرها فالتمر يقبل عليه الناس فى جميع أنحاء العالم فعلى سبيل المثال دولة مثل تونس تصدر لاوروبا آلاف الأطنان من التمور المتميزة وبأسعار عالية وتجنى من وراء ذلك عائدات مالية ضخمة من صادر التمور وحتى دول الخليح الغنية صارت تصدر التمور وبأسعار عالية وفى أسواق الخرطوم أنواع من هذه التمور يتجاوز سعر الكيلوجرام لبعضها الخمسين جنيهاً سودانياً ... والسودان يمكن أن ينتج مثل هذه الأصناف ذات الأسعار العالية واكثر إذ عندنا الماء والصحراء فإن وجدت الأساليب التطويرية العلمية والإهتمام الرسمى والدعم والتشجيع كما تفعل الدول المصدرة للتمور سيكون لنا عائدات ضخمة من التصدير ويجب ألا يترك تطوير إنتاج التمور لجمعية فلاحة ورعاية النخيل فهى رغم الجهد الذى تبذله منظمة أهلية ذات إمكانات محدودة قد لايتعدى التعريف من خلال المهرجانات السنوية التى تقيمها أوالمجلة الإرشادية التى تصدرها ولكن تطوير الإنتاج واستجلاب السلالات ذات الإنتاجية الجيدة وازالة عوائق الإنتاج الكبير وفتح منافذ جديدة للتسويق هو دوررسمى تقوم به الوزارات الاتحادية المعنية خاصة وأن عملية احلال الأصناف الجيدة والصالحة للتسويق المحلى والتصدير تتطلب إنفاقاً ودعماً لصغار المزارعين والذين زرع لهم الاجداد البركاوى فى كل شبر من أراضيهم الزراعية الشحيحة أصلاً على ضفتى النيل .