فى منتصف الستينيات من القرن الماضى شهدت مدينة كريمة ازدهاراً ملحوظاً بفضل مصنعى تعليب الفاكهة والخضر وتبخير التمور. تم إنشاء مصنع تجفيف وتبخير التمور فى العام 1958لغرض تسويق الإنتاج الكبير من التمور للإستخدامات الصناعية كالسبيرتو والمطهرات الغذائية من تمور معمولة وتمور مجففة أو تمور رطبة وأدى انتاج المصنع الى تحريك سوق التمور بمناطق إنتاجه بضفتى النيل وتنافس المزارعون على تزويد المصنع بالانواع الجيدة من الإنتاح وكان انتاج المصنع يجد طريقه للأسواق المحلية بكل ولايات السودان بالإضافة الى التصدير للخارج. أما مصنع تعليب الفاكهة والخضر الذى تم إنشاؤه فى العام 1962م بعون روسى بلغ حوالى النصف مليون جنيه سودانى فى ذلك الوقت فقد أحدث حراكاً إقتصادياً وإجتماعياً فى المنطقة فإنتاج الموالح والمانجو والطماطم والبقوليات وجدت لها سوقاً والمزارعون طوروا من انتاجهم بفضل الارشادات الزراعية التى كانت تصل إليهم فى حقولهم من قبل الأقسام المعنية بالمصنع كما كانت للمصنع مزارع نموذجية يتعلم منها المزارعون الوسائل والأساليب العلمية للزراعة إذ كانت الزراعة تتم بالأساليب التقليدية المتوارثة فتعلم المزارعون كيف يمكن الحصول على الإنتاج الكبير ونشط المزارعون فى استغلال أراض مشروعات نورى والقرير والكلد والغابة وجزيرة شبا لرفد المصنع بالمواد الخام . ووظف المصنع المئات من ابناء المنطقة فى وظائف إشرافية وفنية وعمالية مما ادى الى استقرار المئات من الأسر وضمان دخول شهرية ثابتة. وبلغ إنتاج المصنع فى منتصف السبعينيات اكثر من خمسمائة مليون علبة من مختلف أصناف الخضر والفواكه والبقوليات وكان على رأس الإنتاج معجون الطماطم الذى أوشك أن يحدث إكتفاء ذاتياً للبلاد من إنتاجه . ومع التدهور الذى شهدته مرافق القطاع الصناعى بداية الثمانينيات من القرن الماضى بدأ انتاج المصنع يتضاءل فتضاءل الإنتاج الزراعى وبدأ المصنع يستجلب المواد الخام من الخارج لتصنيعها فانهدم أهم ركن من أركان فلسفة قيام المصنع وهو إستغلال الإنتاج الزراعى المحلى وتطويره وتسويقه ومرت السنون المبانى تتصدع والآليات والماكينات تشيخ والعاملون يهاجرون الى العاصمة والمدن والمزارعون يهجرون الزراعة ويمارسون المهن الهامشية . إعادة تشغيل مصنع تعليب الفاكهة والخضر بكريمة وكذلك مصنع تبخير التمور سيعيد الإستقرار للمنطقة وستعود الأسر الى ديارها والمزارع ستخضر والإنتاج سيشغل المصنعين ويفيض .