وما زلنا في قلعة مكافحة الثراء الحرام.. تلك المشتعلة بالجحيم.. والتي ازداد أوارها المشتعل اشتعالاً بعد أن انتقل كرسي وزير العدل إلى قاعاتها المهيبة.. ولأنني مواطن «صالح».. وقبل ذلك لأنني مواطن سوداني أمتلك سهماً من مال الدولة العام حتى وإن كان «تعريفة».. لأنني كذلك سأقدم جهدي وبعد أن أعصف بذهني منيراً الطريق بخارطة طريق لمولانا دوسة.. مجتهداً.. متوقعاً أن لي «أجرين» إذا سار مولانا على المضمار الذي اقترحه.. ولن أكتفي بأجر واحد- أجر- المخطيء.. فإلى حديثي إلى السيد وزير العدل.. مولانا دوسة.. ومرة أخرى نهديك تحياتنا.. ولك نقول.. بل لك أقول.. إنابة عن نفسي وأصالة عن روحي.. أولاً لأني أعرف جيداً كرة القدم.. تلك التي أنفقت فيها أربعين عاماً من عمري.. أقدم لك خطة «اللعب» واللعب هو ركضك وملاحقتك «لحرامية» الثراء الحرام.. الخطة هي عكس تلك التي اخترعها «الطليان» في كرة القدم.. تلك المسماة «كاتيناتشو» وهي خطة دفاعية عقيمة تعتمد على جدار فولاذي أمام المرمى.. وجسارة ومهارة تتبدى في دفاع أشد صلابة من خط «ماجينو» يستعصي على أي خط هجوم مهما كان بارعاً وماهراً وماطراً.. في اختراقه وإحراز هدف.. ولكنها- أي الخطة- لا تحرز هدفاً واحداً في مواجهة الخصم حتى وإن استمرت المباراة لأسبوع بلا انقطاع.. خطتنا المقترحة هي تلك التي ابتدعها «البرازيليون» والتي تعتمد تماماً على سيل وأمطار الهجوم وعواصف الهجوم الكاسحة.. وقد شرحها للعالم اللاعب المبدع الدكتور «سقراط» عام 1982.. وكانت كلمات سقراط هي.. نحن لا نهتم كثيراً بالدفاع.. ولا يزعجنا حتى وإن كان حارس مرمانا مثل «الغربال» عندما يتصدى للمياه.. خطتنا هي إحراز عدد كبير من الأهداف ولا يهم كثيراً إذا ولج مرمانا قليل من الأهداف شريطة أن تقل عن تلك التي أحرزناها.. لأن ذلك يمنحنا الفوز في نهاية الأمر.. ولك أن تسأل لماذا قدمنا لك هذه الخطة.. في بساطة ويسر إنك سوف تخوض مباريات ملتهبة وحامية مع شخصيات مراوغة وماكرة عرفت تماماً كيف «تنهب وتهرب».. لذا لا تبدد وقتك وجهدك مع مثل هؤلاء.. دع قليلاً منهم يهربون بجرائمهم.. في مقابل اصطياد أكبر قدر منهم ليكونوا عظة وعبرة للباقين.. ونصيحة أخرى غالية ومهمة.. لا تضع دقيقة واحدة من وقتك في ملاحقة الذين اغتنوا من الثراء الحرام.. مستهدفاً الأموال.. هذه ستبدد وقتك وتشتت مجهودك.. ولن تحصل على «قرش» أحمر.. أيضاً لأن هؤلاء في براعة «الحاوي» في المراوغة والتخفي.. وهم- سيدي- ليسوا بلهاء أو أغبياء ليضعوا أموالهم في المصارف حتى يطلع عليها الغاشي والماشي.. كما أنك لن تستطيع أن تلاحق أموالاً عبرت الحدود واستقرت في مصارف لن تكشف لك أرصدتهم حتى إن أتيت بخطاب شخصي من «بانكي مون».. إذن ما العمل.. ومن أين تبدأ.. أنا أقول لك.. أبدأ من حديث الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. وعندما رأى داراً تنشأ من الحجر والحصى.. ثم سأل لمن هذه الدار؟.. وعندما قيل له إنها لعاملك على البحرين.. قال.. أبت الدراهم إلا أن تطل بأعناقها.. إذن ابدأ بالدور القصور.. ابدأ بناطحات سحاب الخرطوم.. ابدأ بالفلل التي أكثر وسامة وفخامة من تلك التي في «يفرلي هيلز».. بل هي أفخر وأنضر وأرحب من قصور أميرة موناكو الراحلة «جريس كللي».. ركز على الأحياء الراقية المترفة تلك التي لا تسمع عند «المغرب» غير أصوات العصافير.. أصرف النظر حالياً وتماماً وفي هذه المرحلة عن الأحياء الشعبية المنهكة.. «يعني» دع أمبدات والثورات والكلاكلات وود نوباوي والحاج يوسف وكل شرق النيل.. دع هذه الأحياء حالياً.. بل دعها تنتظر حتى نفرغ من تلك القلاع التي في الخرطوم.. ولا بأس أن نحدد موقعها لأنها هي التي أطلت بأعناقها لنا.. إنها محصورة أقصى شرق وجنوب الخرطوم.. صحيح أن جلها ومعظمها قد شيدته أيدٍ نظيفة وشريفة ولكن لابد من التقصي والتحقق من قلة تظن.. بل يظن الكثيرون أن طوبها ومونتها تفوح منها رائحة الثراء الحرام.. بكرة نواصل