أجمل ما يميزنا وهو عملة نادرة في عالم أصبحت فيه الماديات ولغة الحاسوب هي الحاسمة والفاصلة.. أجمل ما يميزنا هو صفة الوفاء التي لا زلنا نحملها في دواخلنا بدلالة أحداث كثيرة ربما على المستوى الشخصي لي ولكم لا تعد.. لكن دعوني أضرب مثلاً بحدثين أخيرين ثالثهما سأخصه بالتفصيل.. والحدث الأول كان وفاة نادر خضر الذي ما رأيت أصدق ولا أنبل من مشاعر الوفاء والتقدير في تشييع جثمانه.. ولو أن نادرا بشفافيته المعهودة قدر له أن يرصد هذا المشهد لتمنى أن يموت مائة مرة لينعم بهذا الوفاء.. والحدث الثاني كان مرض الفنان الحوت محمود عبد العزيز الذي التف حوله زملاؤه ومعجبوه في وفاء لا تجده إلا عند أهل السودان حتى تجاوز محنته وعاد يرفل في ثياب العافية أدامها الله عليه.. والحدث الثالث الذي كان عنوانه الوفاء هو ليلة وردي الوطن التي شهدها المسرح القومي بأم درمان والحضور من المواطنين.. يجسد هذا الوفاء تلبية للدعوة وتأكيداً لمشاعر المحبة لراحل يحبونه ويعشقونه.. ويمتد هذا العشق صادقاً حتى في غيابه.. والوفاء جسده الفنانون الذين تباروا في ترديد أغنيات الراحل العظيم.. فكانوا رائعين بلا استثناء.. لكن حاسة الذوق عندي التقطت الوفاء بطعم الشهد والفنان صديق أحمد يصر على المشاركة وهو رغم ظروفه المرضية يتوكأ على عصايتين هما عنوان كافٍ للمعنى الذي أبحث عنه في قيمة الوفاء وقيمة الإخلاص.. ولعله قد لفت نظري دائماً ما يفعل بأداء جميل الفنان أبوبكر سيد أحمد الذي يذهلني إن تغنى للجابري أو مصطفى سيد أحمد أو وردي.. إذ أنك تجد في صوته كل هؤلاء دون أن تضيع بصمة أبوبكر الحقيقية.. وأذهلتني إنصاف فتحي الصوت الطروب المتفرد الذي يستحق مساحة من التواجد والإنصاف أكثر مما هو عليه.. ولفت نظري الدكتور عبد القادر سالم الذي شاهدته لأول مرة يغني لغير عبد القادر سالم بهذه الروعة والجمال.. ولفت نظري شكر الله الذي غنى القمر بوبا بشقاوة صوته المنطلق وكأن الأغنية عملت له خصيصاً.. ولفت نظري حمد الريح وبالتأكيد عثمان مصطفى ليكون خاتمة الليلة الود الفنان طه سليمان.. وطه عندما يغني أغنياته يتعمد أن يظهر إمكانات صوته ويستعرضها.. وأمس الأول زاد العيار حبتين وهو يفرد صوته على الآخر وكأنه يقول استحق أن أغني للعملاق وردي ليس مجاملة.. ولكنني أيضاً عملاق أحمل ذات جينات الطرب والجمال.. في العموم الليلة الافتتاحية كانت غاية في الروعة وإن غاب عنها ود الأمين.. إلا أننا ندعو له بالصحة والعافية ليطل في الليلة الختامية ليكون ختامها مسكاً وعوداً. ٭ كلمة عزيزة تذكرت مشهداً في إحدى مسرحيات الفنان الراحل الفاضل سعيد وهو يدخل معاينة إحدى الوظائف (شافي الامتحان).. ويظل مصراً على إجابة واحدة هي العدس والفول والبيض وهي الإجابة الوحيدة لأي سؤال وجه إليه.. تذكرت هذا المشهد وقناة الحرة تستضيف أمس إحسان مين كده.. وأخرى اسمها بثينة الخرساني تحدثتا عن واقع المرأة السودانية لتقولا وعلى الملأ وبدون اختشا إن المرأة السودانية مظلومة وحقوقها ضائعة.. والإجابة زوال النظام الحالي.. وعند سؤالهما عن هامش الحرية ذكرتا أن المرأة السودانية مضطهدة.. وطبعاً لم تنسيا حكاية بنطلون لبنى وقالتا النظام هو السبب.. وواصلتا الأراجيف والكذب وإن الأمية بين النساء السودانيات هي 85% في القرى.. و65% في المدن والسبب البيض والفول والعدس.. أقصد النظام الحالي.. ألم أقل لكم إن مصيبتنا في من يدعون المعارضة.. وإن كانت الحكومة سجم.. فالمعارضون لها عشرين سجم!! ٭ كلمة أعز والدنيا بركات رمضان أرجو أن يشعر الأغنياء بالفقراء.. فهذا ليس مسؤولية الحكومة وحدها.