إن الظروف الاقتصادية الضاغطة المعروفة التي خيَّمت على بلادنا تركت آثاراً كثيرة سالبة في حياة المواطنين، ذلك بالرغم من بعض محاولات المعالجات الرسمية والأشكال المختلفة من صور التكافل الاجتماعي الموروثة، التي ظلت تنتظم مجتمعنا السوداني منذ زمن بعيد، ولكنها تناقصت بأثر هذه الظروف نفسها، ولكن أبناء خيرين من أبنائنا بدولة قطر الشقيقة قاموا بمبادرة تستحق الوقوف عليها والسعي لتوسيعها. ذلك أنهم أقاموا ما أسموه «النفير الاجتماعي» تحت رعاية سفارة السودان هناك، يترأس مجلس إدارته الأخ الشاب الذي كما عايشناه منذ صغره أنه نشأ في عبادة ربه الأخ محمد أحمد زيادة، الرمز السوداني الذي لا تخطئه عين في دولة قطر.. تقوم هذه المؤسسة بتقديم العون المستتر لأشخاص وأسر كانت تعوزهم ظروف الحياة، وبفضل هذه المساعدات والتي استمرت لمدة أربع سنوات، فقد تغير حال الكثير من هؤلاء الأفراد وبالتالي أسرهم، حيث تمكن بعضهم المجتهد من إقامة مشروعات صغيرة درَّت عليهم عائدات معقولة، جعلتهم- بعد حين- من الذين يزكون أموالهم دعماً لغيرهم، وأنا من الذين- ومن على البعد- أراقب ذلك لا تعليق عندي إلا بالحمد لله رب العالمين، الذي سخر لأهلنا أمثال هؤلاء الرجال الأخيار.. وأسأله أن يجعل كل ما يقومون به أو ينوونه بصدق في ميزان حسناتهم. في الحقيقة قصدت أن أتعرض بالكتابة عن هذا الأمر- ودون تفاصيل- باعتباره تجربة ممتازة رأينا آثارها في مجتمعنا المحلي مباشرة، ونعلم أن من يقومون بها لا يرجون جزاء ولا شكورا، ولا إعلاماً لخدمة أي أجندة في هذه الدنيا الفانية.. إنما يرجون الجزاء عند الله سبحانه وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولكن عسى أن أنال أجراً يسيراً بأن أسلط الضوء على هذه التجربة، وهي بمثابة الدعوة لكل أبنائنا في بلاد المهجر لينتهجوا هذا الطريق الى الله رب العالمين، ليساعدوا أهلهم في مناطق السودان المختلفة، وليبدأوا باستنهاض هممهم وقيمهم الدينية، وتاريخ رواد أمتنا الأولين في مساعدة الضعيف، وإغاثة الملهوف وليبدأوا باسم الله الرحمن الرحيم، وفيما تبقى من أيام هذا الشهرالمبارك شهر رمضان، في استلهام هذه التجربة الكريمة، وإقامة أمثالها في مختلف المهاجر.. والله من وراء القصد.