بالأمس انكشف المستور الذي حاولت الحركة الشعبية أن تدثره في أثواب السر، وأن تسبغ عليه الأستار والسدف الثقيلة.. انكشف تآمر الحركة الشعبية على وحدة السودان كل السودان وليس العمل من أجل فصل الجنوب عن الشمال والانفراد بحكمه بعيداً عن الرقابة الشعبية، ورقابة الأحزاب والتنظيمات السياسية، ورقابة المجتمع.. فقد عملت الحركة منذ أن وضعت يدها على مقاليد السلطة، وعلى رقاب المواطنين المساكين هناك، عملت على أن تستولي على الأرض والناس والثروات، وعملت على إقصاء كل معارض لخطها ونهجها الرديء في الحكم، وصارت تتخبط دون بوصلة تقود إلى هدف، ودون علامات تبين معالم الطريق الذي يفضي إلى مصلحة الوطن والمواطن. اجتماعات الحركة الشعبية في جوبا ضرب عليها المجتمعون ستاراً من السرية ومع ذلك رشح منها ما تنقبض له القلوب إذ أن أهم البنود التي تتم مناقشتها قضية طائرة فلج التي أرادت لها الحركة أن تكون سبباً لا لتعكير صفو العلاقة بين الشريكين بل أرادت لها أن تكون سبباً في نسف تلك العلاقة من أساسها كأنما تنذر بحرب أكيدة خلال أسابيع قليلة تجمّع لها الأسباب، ثم جاء بند آخر يرتبط بتقرير مصير الجنوب من خلال الاستفتاء المرتقب في يناير المقبل والذي ترى المفوضية إستحالة قيامه في الوقت المحدد لأسباب ترى أنها موضوعية ومنطقية رغم اعتراض الشريكين، لكن لغة الحركة كانت سافرة وعباراتها مستفزة ومفرادتها تجريمية تتهم فيها المؤتمر الوطني بأنه وراء ذلك المقترح، وهي تعلم والجميع أيضاًَ أنها أحد أسباب البطء بتلكؤها في الاتفاق مع شريكها على تعيين أمين عام للمفوضية.. وتنتظر الحركة أن تنغص للسودانيين أجوائهم الروحية وتوتر الأجواء مثلما تفعل دائماً، بأن تعلن عن أنها ربما تعلن استقلال الجنوب من داخل البرلمان، رغم ما في هذا من خروج عن نصوص اتفاقية السلام. ثم جاءت زيارة رئيس الحركة الشعبية الفريق أول سلفاكير ميارديت إلى يوغندا لمدة يومين مؤخراً ثم عودته من هناك لتعلن كمبالا أنها أكملت استعداداتها لاستضافة حركة العدل والمساواة، ومنحها قاعدة عسكرية تضمن لها حرية الحركة والمعارضة المسلحة ضد الحكومة السودانية . الحركة الشعبية أعلنت الحرب الآن وأرادت الدخول إلى المعترك وقد اكملت عدتها للحرب التي تبدأ عادة بالكلام الذي يجري إعداد مفرداته بدقة شديدة ليظهر للعلن اليوم أو غداً بعد أن تنتهي اجتماعات الحركة رسمياً في جوبا. وقال الشاعر العربي قديماً:- أري تحت الرماد وميض نار وأخشى أن يكون لها ضرام إن النار بالعودين تزكى وإن الحرب أولها كلام فإن لم يطفئها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام ü على موقع (الفيس بوك) هناك مادة بعنوان نجوم الغد والشفت.. والصورة توضح شيخاً ملتحياً يقف أمام المايكرفونات ويتحدث لجمهرة من المستمعين في ميدان عام ويجيب على أسئلتهم والتي ترد إليه في شكل قصاصات ورقية.. والموقع سجل إجابته عن سؤال عن برنامج نجوم الغد الذي تبثه قناة النيل الأزرق والسائل استنكر على الشيخ صمته حيال ذلك المنكر على حد تعبيره.. فأفاض الشيخ في الإجابة التي بدأها قائلاً: (هم لكن بخلُّونا مافي قطاع طرق في الإعلام ضد الدين!!) وحدّث الشيخ مستمعيه عن طبيعة البرنامج الذي يأتي بأولاد وبنات صغار (شفع) دقاق وتساءل (هسع عليكم الله بلدنا دي ناقصة غنا) ثم أنحى باللائمة على لجنة التحكيم وقال (يجيك واحد يقول أنا الأديب زعيط بن معيط.. طيب أدبك شنو؟ يقول ليك أنا كتبت عويناتك اضيناتك كريعاتك. هسع ده أدب ولا قلة أدب؟ ويتحسر الشيخ على حال البلد التي تتناوشها السهام من الجنوب والغرب والشرق والإعلام مشغول بالغناء!! ü ولأن ناقل الكفر ليس بكافر فقد نقلت ما جاء في الموقع بتحفظ شديد وحذفت الكلمات الحادة والمباشرة والتي وصف بها الشيخ البرنامج ومقدمه ولجنة التحكيم وضرب بها المثل في عدم الاكتراث بالقيم الدينية والموروث الشعبي ولا أراني متفقاً مع الشيخ في كل ما ذهب إليه من هجوم عنيف على البرنامج والقناة للحد الذي وصفها بأنها ضد الدين وقد اشتط الشيخ في ذلك أيما شطط ولكن لماذا يجد مثل هذا الحديث الوقع الطيب والاستحسان من جمهور الحضور؟ لا بد أن هناك خللاً بيناً في الرسالة الإعلامية للحد الذي يحس فيه مثل هذا الشيخ بأن الإعلام مضاد للدين والتدين. وهناك شباب روجوا لهذا الحديث الذي وجد في أنفسهم موقعاً حسناً ومن هنا تبدأ بذرة التطرف والتي راح ضحيتها الفنان خوجلي عثمان وكادت أن تزهق روح الأستاذ حسين شندي صحيح أن هناك شكوكاً في سلامة عقل الفعلة لكن الانتقام من المطربين في هاتين الحالتين يدق ناقوس الخطر في بلد نسبة التدين فيها عالية جداً ومفهوم العيب والحرام يغطي بمظلته العديد من الممارسات العادية واذكر أن الأستاذ فاروق سليمان رحمه الله عندما تسلم إخراج مسلسل الشاهد والضحية لم يجد غير كريمته لتؤدي هذا الدور فواجه اعتراض خطيبها مع أن البنت ستعمل تحت رعاية والدها. ü ولعل جميع الأسر السودانية تحرم على أولادها وبناتها الاشتغال بالفن غناء أو دراما وبالكاد يجد الشاب أو الشابة موافقة الأسرة ومع ذلك فالفنانين الشباب (على قفا من يشيل) والقنوات تتبارى في إنتاج البرامج الغنائية وتجنح إلى إتاحة الفرصة للفنانين الشباب لقلة أجورهم من ناحية وتلهفهم للظهور من ناحية أخرى فانداحت دوائر الظهور للفنانين الذين لا يجدون ما يقدمونه من إنتاجهم الخاص غير ترديد الأغنيات القديمة من فترة الحقيبة أو كبار الفنانين.. والساحة الغنائية لم تسجل أي جديد يذكر في العقد الماضي إلا أعمال خاصة بالاستاذ كمال ترباس والباقي اجترار للماضي يصل في بعض الأحيان إلى درجة التشويه.. ولعل فترة الإنقاذ قد خلت من أي إبداع فني فقد امتلأت الأجهزة بالأناشيد الجهادية على غرار الليلة يا قرنق باقي أيامك انتهن والتي ركبت على القالب اللحني لأغنية (العجكو العلي منعو) وكانت هذه الأغنية قد أثارت مشكلة في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ولما حضر الأستاذ سبدرات تخريج الدفعة الأولى من الدفاع الشعبي في معسكرعيسى بشارة بالقطينة التفت للدكتور عوض الجازقائلاً (انتو زمان في الجامعة دقيتونا في شنو؟ ما هي العجكو دي ذاتها) ثم جاءت موجة مديح المصطفى عليه الصلاة والسلام في قوالب الأغنية مثل يا سمسم القضارف، وحبيت عشانك كسلا، وغير ذلك فأفتقدنا إيقاعات المديح بالطار المعروفة من المربع إلى المعشر إلى الحربي إلى الدقلاشي إلى المخبوت إلى قدوره ومعها وقار المداح الكبار من حاج الماحي إلى أبي شريعة إلى حياتي وأبوكساوي وود حاجة وقدروه وغيرهم.. بالمناسبة إن الشيخ قدوره له إيقاعه الخاص ويعرف بأسمه. ü الشيخ الشفت قال في ختام حديثه (الواحد بقى زي المجنون ما عارفين نتكلم في شنو ونخلي شنو في واحد مجنون بدي الزول القداموا شلوت دخل ذات يوم لقى الناس راكعين في ركعة افتكرهم جاهزين للشلوت قال ليهم هسع الواحد يشوت منو ويخلي منو.