أمس الأول وبعد غيبة طويلة عدت لركوب البصات على طريق شندي الخرطوم بدأت لي ظاهرة غريبة . اكتشفت أن المسافة بالبص بين شندي والخرطوم «زادت» ساعة ونصف من العذاب والإرهاق النبيل!! ساعة ونصف بالتمام والكمال جعلت كل من بالبص يجأر بالشكوى «الأطفال» يصرخون و«الرجال» «يسبون» و النساء «ينقنقن».. ما الذي جرى، ومن المسؤول عن هذه الزيادة الرهيبة في المسافة «والزمن»..؟ زادت الأسعار في كل أنحاء السودان وزادت معاناة الناس وأضحت الحياة جحيماً لا يطاق وكذلك أضحى السفر على طريق الخرطوم- شندي - عطبرة جحيماً لا يطاق ولا يمكن تصوره!! المرأة داخل البص قالت «شكيناهم لي الله».. جاري القادم من شرق السودان تعرف على «هويتي» قال لي يا أستاذ اكتب تراك شفت بعينك!! ü داخل البص جاءني تلفون من صديقي الأستاذ صلاح عمر الشيخ لم أسمع جيداً ما يقول، قلت له: ما سامعك!! سألني: الحفلة دي شنو الجنب رأسك - قلت له ده مسجل البص أنا جاي من شندي!! ضحك وقال بسخريته المعهوده: إنت الوداك شنو تركب البصات!! أجبته إنت شفت أوربا والعالم المتقدم استخدام المواصلات العامة من قطارات ومترو وبصات ذات سعة كبيرة هي قمة التحضر!! ولكن قمة التخلف أن تسعى لعذاب الناس بمثل هذا القرار «الأرعن» الذي جعل بصات شندي وعطبرة القادمة من الخرطوم تذهب بالخط الدائري «الفوق» بدلاً من الخط القديم والذي تعارف عليه الناس منذ دولة مروي الأولى ويمر بالجيلي ومن ثم ينساب بسهولة و«يسير» نحو الخرطوم بحري مروراً بمناطق وقرى وأحياء بحري شمال وهي مناطق بحكم الجغرافية وامتداد الهجرات الطبيعية القادمة من الشمال للخرطوم، تكون هي وجهة الركاب النهائية!! الآن البص يسير في طريق صحراوي «موحش» وبه أرتال من الشاحنات الأمر الذي يزيد من نسبة الحوادث.. طريق يجعل البص يدور ويدور في حلقة «مفرغة» لا فائدة من ورائها ويزيد من زمن الرحلة لأكثر من ساعة ونصف في متاهات لا معنى لها!! ü سألت مضيف البص والسائق ولم أجد إجابة شافية ولا أعرف كيف مر هذا القرار «العجيب» والذي لا يسعى سوى ل«عكننة» وزيادة تعب الركاب المسافرين على طريق اسمه طريق التحدي هو اسم على مسمى.. فالسائر على هذا الطريق يتحدى ألواناً من الحوادث والمضايقات المرورية التي لا حصر لها.. ولا يستطيع البعض تحدي هذه النقاط للمزيد من التفتيش والتي تجعل الكمساري المسكين كل مرة «يتلب» من البص ويدخل في هذه «الكرفانة» ويخرج من تلك «الخيمة». ü أنا إقتنعت تماماً بأن هناك« قولاً» و«فعلاً» داخل هذه الحكومة يعمل على «عكننة» المواطن وإزعاجه والعمل على سهره ومضايقته مثل هذا القرار «البليد» والذي قام بتحويل مسار بصات شندي وعطبرة من طريق الجيلي - على عكس كل الحكومات المتعاقبة على السودان. قرار ليس به أي قدر من «الحكمة» أو ذرة من «عقل» ! قرار قصد به صاحبه تعذيب الركاب وليته سمع الدعوات عليه وسيل الشتائم التي لا ترحم وأتمنى ألا ترحم الذي يعذب أمة محمد صلى الله عليه وسلم.