وأحصد بكفي القصيد روائع.. وتشرق أيام رمضاني هذا.. وتضيء لياليه البيضاء.. وترتعش كفي.. فرحاً.. مزهواً.. وأنا.. أمسك بكلتا يدي.. ديوان الصديق الحبيب.. الودود.. الولوف.. المقاتل.. العنيد.. الشريف.. محجوب شريف.. ويا لروعة.. التحليق.. بأجنحة محجوب.. إنّه يأخذك إلى المجرات البعيدة.. والمجرات البعيدة.. ليست تلك المعلقة.. في سقف الدنيا.. جوار الشمس.. بعيداً عن القمر.. إنها السودان.. نيلاً.. وأرضاً.. وشعباً.. وأملاً.. وحلماً.. وغناءً.. وسيلاً دافقاً من النضال.. وحزماً من النصال.. وأرتالاً من الشهداء.. وبحاراً من النزيف.. وأمواجاً من الرعاف.. وألواناً من الأزاهير.. واحتشاد فضاء بالهتاف.. وسواعد.. فولاذية.. تعمل غابة.. وقبل أن أفض.. صفحات الديوان العطرية.. الثورية.. يأخذني العنوان.. ليس ذاك المكتوب على الغلاف الأول.. وما أدراك ما الغلاف الأول.. وما أدراك ما اسم الديوان.. ولكن تأخذني عيوني.. إلى ظهر الغلاف الأخير.. وأطالع.. وأتذكّر.. وأفرح.. وأحس طعم السكر في حلقي.. أطير القهقري.. بأجنحة فراشات الى حيث.. تمضي أربعون سنة وتزيد.. واقرأ.. وأتذكّر.. اقرأ.. كلمات محجوب.. وهي على غلاف الديوان.. واتذكر أنها كانت رقاع الدعوة.. التي وصلتنا من محجوب.. تدعونا.. إلى ليلة عرسه لم يكن «كرتاً» يحيطه الجمال والترف الأسطوري.. لم يكن.. رتيباً.. كما الدعوات.. لم يكن.. ممجوجاً.. مكروراً.. تقليدياً.. ممهوراً.. بالعاقبة عندكم في المسرات.. أو على كريمة فلان ابن فلان.. كانت حفنة أوراق.. تدهش.. كل الدنيا.. قبل الأصحاب.. ولأن محجوب.. نسخة.. واحدة في الوطن الباهر.. فقد كانت حروف.. دعوته.. نسخة فريدة.. لم يسبقه إليها أحد.. وما حاكاها بعده.. بشر.. كانت.. وكما على غلاف الديوان.. ونطلع للحياة أنداد زي سيفين ساهر فيهن الحداد.. ونطلع من بذور الأرض زرعاً فارع الأعواد.. حبابك يا ضحى الميلاد ويا وطناً بدون أسياد ويا انشاد عصافير ببالن ما خطر صياد.. يا لروعتك يا محجوب.. ويا للذكرى والتذكارات البهيجة.. وما زلت أذكر كيف اجتاحني ذاك الفرح الخرافي.. وظللت.. «أفرج» زول زول.. في كراسة دعوتك تلك الرفيعة.. وهي.. تفترع.. طريقاً.. بديعاً.. وتضيء.. أنواراً.. شديدة الإبهار.. لتنير طريق.. كل عاشقين.. تشابكت أيديهما.. وهما يركضان نحو الشمس.. وأفتح الصفحة الأولى.. ومحجوب.. يكتب الإهداء.. ولأنه محجوب.. ولا أحد.. سوى محجوب.. ولا «زول» يشبه محجوب.. فقد كان الإهداء.. عظيماً.. رفيعاً.. بهيجاً.. بديعاً.. براً.. بالوطن.. براً.. بالشعب.. براً.. بالحبيبة.. وهاكم الإهداء.. إهداء محجوب.. ديوان السنبلاية.. كما جاء بالنص.. والكلمة والحرف.. الى التي ستطلب مني الطلاق من أعلى مكان إذا جئتها بخزائن الأرض ثمناً للحظة متخاذلة إلى والدنا الشعب الذي علمنا معاً أن السترة ولقمة العيش الحلال كنز لا يفنى وأن راحة الضمير أجمل سكن والى الأصدقاء من كل حدب وصوب من النساء والرجال.. من لا يطيب عنهم بعيداً رحيل أهدي بعض أنفاسي التي لولاهمو لما كانت ولا كنت.. نعم هذه صفحة الإهداء.. وغداً.. إلى قلب.. ورئة.. وكبد.. الديوان..