بعد خروجها للعلن بدا اهتمام متعاظم من أعضائها ومن بقية الكيانات السياسية وتابعها كل أفراد المجتمع، فهذه هي المرة الأولى التي ينشر فيها الرأي والرأي الآخر في مؤتمراتها على اختلاف مستوياتها وجغرافياً وقطاعياً.. غالبية الحراك الذي يدور الآن في مؤتمرات الحركة يقوده الشباب خاصة المجموعات التي ظهرت مؤخراً وطرحت قضاياها بقوة في كل اللقاءات التي عقدت، السبت القادم يتوقع المراقبون أن يحمل حراكاً يتصف بالقوة والشجاعة فبينهم أصحاب الدماء الشابة ومنهم السائحون والمجاهدون والموقعون على مذكرة الألف.. كل هؤلاء في قاعة الصداقة تنتظرهم مهمة أساسية وهي رفع موجهاتهم للمؤتمر العام.. ولالقاء الضوء على هذه المعادلة الصعبة التقت آخر لحظة بالقيادي الإسلامي الشاب د. عبيدالله محمد عبيدالله رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر قطاع الشباب بالحركة الإسلامية فكانت هذه الحصيلة: ماذا حضرتم لمؤتمر قطاع الشباب؟ - لابد من القول إن الشباب هم شريحة مهمة في المجتمع خاصة وأن الإحصاءات وآخر تعداد سكاني أشار إلى أن نسبتهم 43% من جملة السكان، وهذا يعني أن المجتمع السوداني شاب وأن شريحة الشباب يجب أن تجد مكانتها خاصة في الأحزاب السياسية، وكثيراً ما عولت الحركة الإسلامية على امتداد تاريخها منذ الخمسينات على هذه الشريحة إضافة إلى الطلاب في الجامعات والدراسات العليا، ولذلك ليس مستغرباً أن يكون الشباب هم القطاع الحيوي في هذه الحركة ويجب الاهتمام بهم من القيادة السياسية. في إطار الإعداد لمؤتمر الحركة الإسلامية الثامن تكونت لجنة عليا داخل قطاع الشباب برئاسة شخصي الضعيف للإشراف على عقد المؤتمرات على كافة المستويات بدءاً بمرحلة الأساس متمثلة في الأحياء والقرى والفرقان مروراً بالمحليات والولايات ثم مؤتمر الشباب القومي الذي سيعقد في الخرطوم يوم السبت 20 من الشهر الجاري، هذه اللجنة بها عدد من اللجان الإدارية والإعلام والمراسم والسكرتارية وشباب المهجر، وقد أكملت اللجان كل ترتيباتها في هذه اللحظة. مؤكد أن هذه المؤتمرات قد اكتملت وقامت بعملية التصعيد للمستوى الأعلى، وسيشارك هؤلاء المصعدون من كافة الولايات في مؤتمر القطاع، وبلغ عددهم (1200) عضو بمشاركة مقدرة من شباب الحركة بالمهجر وهم (36) شاباً وشابة (من الخليج وأوربا وأمريكا والمغرب العربي وآسيا وأفريقيا)، وسيحضر المؤتمر عدد من شباب العالم سيأتي ممثلون للحركات الإسلامية في دول الربيع العربي، الإخوان المسلمين في مصر وتونس المغرب العربي ومورتانيا وليبيا واليمن، وبعض الدول لم تؤكد بعد مشاركتها. أكد بعض قيادات الحركة الإسلامية أن المؤتمرات القاعدية قد شهدت مشادات وصلت لدرجة أسماها الناس بالمشاكل.. ما هو رأيكم؟ - كانت المؤتمرات على مستوى المحليات والولايات قد شهدت حراكاً قوياً وتفاعلاً بين الأعضاء بتناول الموضوعات والقضايا المطروحة ولكن أهم ما ميز هذا المؤتمر أن الرأي الغالب للمؤسسية، فلم تكن هناك سلبيات تذكر سوى التباين في وجهات النظر وهذه ظاهر صحية والجريء في طرح الآراء والأفكار وهذه محمدة للحركة الإسلامية وأيضاً في كثير من الأحيان اعتداد البعض برأيه والإصرار وهذا يحسم بالمؤسسية، ومن وجهة نظري أن كل هذه الظواهر مطلوبة وهي تمثل درجة من درجات العافية من تنظيم يرجى له دور في الحياة العامة. ظهرت مجموعات في الحركة الإسلامية ثائرة عليها غاضبة، منها من أطلقوا على أنفسهم السائحون والمجاهدون وأصحاب مذكرة الألف كيف تعاملتم معهم؟ - أرجو أن نقر بأن الشباب بطبيعتهم هم قوة ثائرة في كل الأوقات والمراحل وبالتالي طبيعي جواً أن نجد داخل هذا القطاع مجموعات من المتحمسين والمنفعلين ببعض الهموم والقضايا، وقد ضمت هذه المؤتمرات هذه المجموعات من الشباب كان من بينها قدامى المجاهدين وبعض الذين اعتزلوا النشاط التنظيمي لفترة طويلة وبعض الذين شاركوا في المذكرات الأخيرة وبعض الناقمين على الأوضاع في السودان وبعض من أصطلح على تسميتهم بالجالسين على الرصيف ومجموعات السائحين، جميعهم وجدوا أنفسهم داخل هذه المؤتمرات يعبرون بحرية مطلقة عن آرائهم ويطرحون وجهات نظرهم ويتفاعلون مع إخوانهم وتبقى الكلمة الأخيرة لرأي الشورى ولكن كانت هذه المشاركة واحدة من أهم النتائج الإيجابية والمثمرة لهذه المؤتمرات ومن بين هؤلاء من تم تصعيدهم للمستويات الأعلى وسيشاركون بنفس القدر في مؤتمر الشباب القومي وفي المؤتمر العام القادم. هل جلستم إليهم وبحثتم المشاكل التي دعتهم لتكوين هذه المجموعات؟ - أولاً هذه المجموعات الجهادية هم من خيرة شباب الحركة الإسلامية، ربما انقطاع بعضهم وبعدهم عن الأطر التنظيمية كان سبباً في الإحساس بالغبن وعدم الاهتمام والإهمال ولكن هذا ليس مبرراً للنيل من الحركة وقذفها بما ليس فيها، وتعاملنا مع هذه المجموعات بصدق وإخلاص فنحن نعلم حسن نواياهم ومقاصدهم ولذلك هناك حوارات مفتوحة معهم وتواصل بيننا وبينهم أسهم كثيراً في تشجيعهم وقبولهم للمشاركة في هذه المؤتمرات ليطرحوا آراءهم ووجهات نظرهم من داخل هذه المؤتمرات، ولم أسمع بأن هنالك احتجاجاً أو عدم رضا عن هذه المشاركة، ولم تصلني بصفة رسمية أي شكوى من هذا القبيل وقد كانت مشاركتهم إثراءً للنقاش والتداول لهذه المؤتمرات وربما مثلوا النكهة المميزة لهذه المؤتمرات وستمتد مشاركتهم ليكونوا حضوراً في المؤتمر العام في الحركة الإسلامية. بعد اجتماعاتكم معهم أي هذه المجموعات تعتبر الأقوى؟ - في تعاملنا معهم لم نحس أنهم جسم غريب، إنهم مجموعة من الإخوان لم تستوعبهم الأروقة التنظيمية القائمة الآن، ربما تم وضع المعالجة لها للاستفادة من طاقاتهم حاضراً أو مستقبلاً وبالتالي لا يوجد في قاموسنا تصنيف لهذه المجموعات على أساس أنها تمثل كياناً قائماً بذاته. هل يمكن أن تمثل هذه المجموعات بذرة لانشقاق الحركة الإسلامية؟ - لا يمكن لهذه المجموعات أن تصبح نواة أو بذرة لأي تصدع أو انشقاق داخل الحركة الإسلامية لأنها تتحرك داخل أروقة الحركة وتشارك في مؤتمراتها وتأتمر بأمرها وبالتالي فإن قطاع الشباب الذين يشاركون في مؤتمراتنا جزء من القطاع وليس كياناً قائماً بذاته، وبالتالي فلا مجال لوصفهم بأنهم يعملون خارج الأطر التنظيمية ولابد من الإشادة بالنهج الذي سلكوه وهو الانتظام في كافة المؤتمرات القطاعية والجغرافية وأنا لا أشعر بأي حساسية منهم تجاه هذه المؤتمرات فهم أهل سبق وعطاء في مشروع الحركة الإسلامية. كيف تنظرون لمعاملة الحكومة مع الشباب، هل أنتم راضون عنها؟ - بموضوعية شديدة لابد أن نذكر أن هناك تقديراً كبيراً أعطي لشريحة الشباب من خلال فرص المشاركة التي أتيحت لهم في عهد الإنقاذ وأن هناك عدداً من الشباب قد شاركوا في الأجهزة التنفيذية على المستويات القيادية في المركز والولايات، ولا أجد تجربة حظيت بمشاركة الشباب مقارنة بالتجارب الأخرى كتجربة الحركة الإسلامية السودانية ولكن وفقاً لما هو مخطط له لا نزال بعيدين عن المثال الذي نتطلع إليه أن يقود الشباب دفة الحكم والحركة في البلاد بما لديهم من جيوية وكفاءة وتجربة، وأنا لست سعيداً بظاهرة تضاؤل نسبة الشباب في الفترة الأخيرة خاصة في المجال التنفيذي، فشباب في قامة السموأل خلف الله وسناء حمد وحاج ماجد سوار والصادق محمد علي وخليل عبدالله كان الأجدى أن تتاح لهم الفرصة لتحقيق عملية تواصل الأجيال أو استبدالهم بشباب آخرين لا سيما وأن الحركة الإسلامية تنظيم ولود وقد فرّخ الآلاف من القادة الشباب الذين هم على درجة من التميز تؤهلهم لتحمل المسؤولية. ما هو دوركم في مؤتمرات الحركة الإسلامية؟ - شارك الشباب بمساهمات كبيرة جداً في وضع وإجازة دستور الحركة الإسلامية الأخير، وهو دستور حوى العديد من المضامين الجديدة التي من بينها إقرار مبدأ تداول التكليف التنظيمي داخل الحركة وعدم التجديد لكل من قضى دورتين في منصب الأمين العام على المستوى المركزي والولائي والمجلس، وقد عمل بهذا المبدأ في كل المؤتمرات التي عقدت وكذلك قدم الدستور رؤية لمعالجة العلاقة بين ما اصطلح على تسميته بالحاءات الثلاث (الحزب، الحركة، الحكومة)، بحيث نصت مواد الدستور على وجود جسم وهو القيادة العليا التي تضم هذه الكيانات الثلاثة، وهذه من الإشراقات التي تعمل على امتصاص الخلافات التي يمكن أن تحدث عندما تتشابك وتتقاطع الحاءات الثلاث. هناك من يقولون إن حل الحركة الإسلامية بعد الإنقاذ أضعفها، ما تعليقكم؟ - من وجهة نظري الشخصية أنا لست من القائلين بأن الحركة الإسلامية قد تم حلها وإنما عبرت عن نفسها بشكل آخر هو المؤتمر الوطني وهو حزبها الذي ارتضت أن تطل على الشارع العام والمجتمع السوداني به والدليل على ذلك وجود كافة رموزها وعناصرها داخل هذا الحزب، وما تم في بداية الإنقاذ هو حل مجلس الشورى وليس الحركة، وفي اعتقادي أن الأمين العام الشيخ حسن عبدالله الترابي وستة آخرين من القيادات هي المجموعة التي فوضها المجلس للترتيب لكل المرحلة اللاحقة، ولذلك من وجهة نظري الشخصية أن الحركة كانت بحاجة ماسة لتنظيم ووعاء أشمل يتعاطى قضايا الحكم والسياسة وهذا ما انتهى بها للمؤتمر الوطني وقد أثبتت التجارب اللاحقة لكثير من الحركات الإسلامية أنها تحتاج إلى جسم سياسي أوسع يستوعب بداخله كافة مكونات المجتمع بمشاربها المتعددة واهتماماتها المتنوعة ويعبر عن همومها وتطلعاتها، فكانت تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وحزب العدالة والحرية في مصر، وحزب العدالة في المغرب وقبلها المؤتمر الوطن في السودان. هل لديكم آليات لتوصيل مطالبكم للمؤتمر العام؟ - هناك عدد كبير من الشباب سيأتي للمؤتمر العام للحركة مصعدين من مؤتمرات الولايات جغرافياً، فالشباب لا يمثلهم القطاع الشبابي وحده شباب في الولايات والمحليات يأتون بالتصعيد العادي، بالتالي هم يشكلون حضوراً قوياً ومميزاً داخل المؤتمر العام ونتوقع أن يسهموا بآرائهم الجريئة وتصوراتهم للعديد من القضايا المطروحة في جدول أعمال المؤتمر وربما يكون لهم القدح المعلى في المخرجات النهائية لهذا المؤتمر.