اتهم المؤتمر الوطني المؤتمر الشعبي بأن قصف «مصنع اليرموك» من قبل إسرائل بسبب التقرير الذي نشرته صحيفته «الموقوفة» رأي الشعب، والذي أشار إلى وجود علاقات عسكرية بين السودان وإيران، بل إن الصحيفة أشارت إلى أن الحرس الثوري الإيراني قام ببناء مصنع للأسلحة المتطورة في السودان لمد المقاومة الفلسطينية «حماس» بالسلاح وتقديم الدعم المباشر لحلفاء إيران في المنطقة، حيث استند المؤتمر الوطني في اتهامه للشعبي بأن أسرائيل كانت تخطط لهذا القصف قبل عامين بحسب تصريح لها وهو ذات توقيت نشر التقرير إضافة إلى كون المؤتمر الشعبي كان شريكاً للوطني في الحكم قبل المفاصلة وأن الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي كان في التسعينات يدعو لعلاقات مع إيران وهو الذي أجبر الحكومة عليها عبر مؤتمره الشعبي في بداية التسعينات، وكل ذلك يجعل كل هذه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في العالم تأخذ ما ورد في هذه الصحيفة بعين الاعتبار. على الضفة الأخرى هناك من يرى أن اتهام المؤتمر الشعبي يأتي من باب المكايدات السياسية بينه والمؤتمر الوطني. «آخر لحظة» استطلعت الأحزاب السياسية والمحللين والخبراء والمراقبين السياسيين، حيث أجمعوا على ضرورة عدم استخدام الكيد السياسي في تصفية الحسابات مع النظام وأن لا تنقل أحزاب المعارضة أسرار الدولة كأوراق في صراعها مع النظام. الأحزاب السياسية برغم أنها أجمعت على أن قضايا الأمن القومي خطوط حمراء يجب الاتفاق ضمنياً على عدم المساس بها إلا أنها تعود وتستدرك أن المؤتمر الشعبي يقف معها في صفوف المعارضة، حيث أكد حزب البعث العربي الاشتراكي أنه يرى أن هناك قضايا ذات طابع يمس السيادة الوطنية وأمن البلاد القومي يجب أن يكون هناك اتفاق ضمني من كل القوى السياسية الوطنية للحفاظ عليها، وقال الناطق الرسمي لحزب البعث محمد ضياء الدين يجب أن يكون هناك اتفاق على حماية كل مقدرات البلاد وليس النظام، مشيراً إلى أن هذه القضايا تتمثل في ضرورة رفض التدخل الأجنبي في الشأن العسكري والأمني والسياسي للبلاد، ولكن ضياء الدين وصف اتهام الشعبي بأنه السبب في ضرب مصنع اليرموك بنشره «التقرير» بصحيفته الموقوفة «رأي الشعب» وأن دولة الكيان الصهيوني بنت معلوماتها وفقاً لهذا التقرير «بالسذاجة»، وقال ضياء الدين إن اتهام المؤتمر الشعبي من قبل الحزب الحاكم يأتي من باب الخصومة بين الطرفين. وشن الحزب الشيوعي هجوماً على الحكومة التي وصفها بالشمولية والقابضة على الحكم بسياساتها التي وضعتها في مواجهتها مع إسرائيل أدت إلى احداث الضربات المتتالية. ووقال يوسف حسين الناطق الرسمي للحزب الشيوعي إنهم لا يرددون معلومات أمنية تشكل خطراً على البلاد مشيراً إلى أن الدولة قد صرفت أكثر من 70% من الميزانية على الدفاع والأمن ورغم ذلك تم الاعتداء، متسائلاً عن أوجه الصرف الأمني إذا لم تحمِ البلاد من العداء وقال إن الحكومة رغم قولها إن التسريبات الإعلامية هي أحد أسباب ضرب مصنع اليرموك غير أن ذلك لم يثبت على حد قوله واصفاً تضييق الحكومة على حرية الصحافة حتى تعمل بحياد، وقال لا خلاف في القضايا الوطنية في إطار الحريات العامة. على ذات السياق تحدث د. ربيع عبد العاطي القيادي بالمؤتمر الوطني ل «آخر لحظة» قائلاً إن الاعتداء على السودان ليس بجديد وهو أنبوب اختبار من العدو الذي يحاول اختراق أفريقيا من بوابة السودان، وأشار إلى أن الاستهداف جزء من خطة يعمل عليها العدو في كل المنطقة العربية والسودان جزء هام في الخارطة العربية والأفريقية، واصفاً من يمارون العدو في ضربه مصنع اليرموك بعدم الإحساس بالوطنية والعمل ضد الوطن، مشيراً إلى موقفهم بالانتحار السياسي و عليهم الوقوف مع المباديء الوطنية وقضايا الأمن القومي باعتبارها أمناً للدولة دون اتخاذها وسيلة للانتقاص والنقد، مؤكداً دور الإعلام في الأداء الإيجابي لمساعدة متخذي القرار في قياس الرأى العام وتوجيهات السياسة وليس في كشف الأسرار الوطنية التي تستخدم لضرب الأمن القومي، مشيراً إلى أن القضية أكبر من أن ينظر إليها بزاوية حزبية، بل هي قضية وطن. ومن جانبه عزا البروفيسور حسن الساعوري أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الأسباب إلى الصراعات الحزبية التي لا تميز بين المصالح العليا للسودان وبين السياسات العامة التي يمكن أن يختلف حولها الناس، وقال إن أي بلد ديمقراطي يجب أن يكون فيه الإجماع الوطني حول الثوابت الوطنية وقضايا الأمن الإستراتيجية ويرى الساعوري أن المعارضة لا تميز وتخلط الأوراق الوطنية بالحزبية في إطار الكيد السياسي والتصعيد المقابل للضغط على الحكومة مما يشكل عبئاً سياسياً إضافياً، وأشار إلى أن للإعلام دوراً مهماً في التحكم في الأحداث باعتباره الوسيلة الأكثر انتشاراً والتي بواسطتها يتحول الحدث إلى خير، منوهاً إلى ضرورة أن لا تخوض وسائل الإعلام في أسرار الدولة لدرجة الكشف عنها للملأ، ولكن واجبها أن تتناول القضايا بإيجابية وبإشارات تحذيرية، محذراً بأن هذا يضر بالبلاد واستقرارها ويجعلها هدفاً سهلاً للعدو. حزب تجمع الوسط أكد على أن لا خلاف في قضية الوطن وثوابته واعتبر ما دون ذلك خيانة وطنية. وأشار الأستاذ محمد مالك عثمان رئيس الحزب إلى أن اللعب بأسرار الدولة يسهل للعدو اختراق الأمن، مشيراً إلى أن ضربة مصنع اليرموك أفصحت عن تساؤلات كبيرة عن أهمية المحافظة على الأمن القومي وأن لا تزج الأحزاب نفسها في قضية المشاكسة السياسية وتستخدم الأسرار ضد بعضها، مؤكداً موقف الحزب الثابت فيما يتعلق بالمباديء الوطنية باعتبارها خطوط حمراء يجب على جميع الأحزاب عدم تجاوزها وأن الاختلاف عليها يجب أن لا يصل إلى درجة الكشف عنها، داعياً الأحزاب إلى الوحدة والنظرة القومية الإستراتيجية الشاملة. وأكد المحلل السياسي د. جمال رستم أن هناك قضايا متعلقة بالأمن القومي وسيادة الدولة بأكملها يجب أن لا تكون موضع مساومة من القوى السياسية المعارضة للنظام، وقال إن هذه القضايا العسكرية والأمنية يجب أن لا تكون بها معارضة وحكومة لأنها قضايا تمس الدولة، مستشهداً لذلك بمحاولة المعارضة الإيرانية استخدام المشروع الإيراني كورقة ضغط على الحكومة وهو الأمر الذي رفضته الحكومة الإيرانية، وأضاف رستم يجب أن يكون هناك خط فاصل بين ما يجب أن تتحدث فيه المعارضة وما لا يجب، مشيراً إلى أن ما حدث من قصف اليرموك تضرر منه الشعب السوداني، واصفاً إياه بالعمل ضد الوطن، وقال إن المعارضة هدفها هو أن تأتي للسلطة، ولكن عليها أن تميز بين الابتزاز والكسب السياسي ومراعاة الخطوط الحمراء المتمثلة في كل ما يتعلق بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمصالح الخارجية على حد قول رستم الذي أكد أن هذه القضايا لا يجب الخوض فيها إلا من باب المناصحة وعلى مستوى ضيق، قائلاً يجب أن لا تكشف عورات الوطن، وأضاف بالقول على المعارضة مهما «كرهت النظام» أن لا تزج بالقضايا الوطنية في هذا الأمر.