الثرثرة مرفوضة!! ولا أحد يحبذها.. وهي تعني كثرة الكلام دون طائل.. هناك فرق بيت «الثرثرة» و«الفضفضة».. الأخيرة يمكن أن تكون مقبولة في إطار «الحميمية» وتبادل «الهموم» المشتركة!!. الشعب السوداني في الآونة الأخيرة أصبح يميل للطريقتين في الكلام ثرثرة ثم فضفضة ثم لا شيء!! نجيب محفوظ كتب روايته «ثرثرة على النيل».. وجدت هجوماً من البعض ثم تحولت لفيلم نال ذات الاحتجاج ربما بسبب الشخصيات وتناقضاتها ولكنه كان عملاً تميز بقدرة فائقة على الوصف رغم أن البعض اعتبره خالٍ من الأهداف وربما لا يشكل إضافة ثقافية للقاريء.. إلا أنه أفلح في تصوير أكبر حالة هروب من الواقع!! إذن الثرثرة التي نعاني منها هذه الأيام هي شيء قريب من ذلك. عن نفسي أكره ثلاثة أنواع من الثرثرات الأولى يقوم بها السياسيون وما أكثرها هذه الأيام خصوصاً وسط قيادات المؤتمر الوطني ومعهم الصادق المهدي وبدرجة أقل كمال عمر بالمؤتمر الشعبي والفئة الثانية هي فئة المذيعين وخصوصاً المذيعات بالفضائيات «الأرضية» السودانية. أمس الأول حاولت أن «أشاهد» البرنامج الرياضي الذي تقدمه المذيعة الرياضية واسمها «ميرفت».. وعنوان برنامجها «البحث عن هدف».. ولا أعرف ما هو «الهدف» الذي تبحث عنه وهي لا تترك ضيوفها يتحدثون ويقولون ما عندهم.. كان البرنامج يتناول قضية مهمة اسمها الاحتراف واستضافت ممثلين لناديي الهلال والمريخ ولكنها كانت تقاطعهما بصورة جعلتني أتساءل.. لماذا استضافت هذين الرجلين بالأساس إن كان في مقدورها الحديث لوحدها؟!.. وهي ليست «اختلاف».. «فكلهم» و«كلهن» في الفضائيات «الأرضية» السودانية يفعلون و«يفعلن» ذلك!! الفئة الثالثة هم إخواننا السماسرة.. فهؤلاء «أفظع» من مقدمي البرامج ومن إخواننا السياسيين.. لهم براعة في الثرثرة وفي الكلام الكثير ويملكون من المحسنات والأكسسوارات ما يجعلك تغني مع الكابلي أكاد لا أصدق..!! أتمنى أن يقرأ السمسار الذي كان يتحدث معي أمس في سوق بحري هذا العمود .. لم أشأ أن أقول له (ما تبيع الموية في حارة السقايين).. الرجل كان يحدثني حديث العارفين بأن ثمة قرارات من الدولة في الطريق وعليَّ أن أبيع له (الآكسنت) ثم طفق يثرثر معي عن »دلالة» اللون .. و«أهمية اللون الأبيض» إنه يقصد - كما يفعل زملاؤه السياسيون - .. «تبخيساً» للون «البرونزي» أو الداكن الذي بحوزتي!! السمسار مرة يتحدث بلسان «علي محمود» .. ومرة برؤية «راشد دياب» وجعلني أتذكر حديثاً قاله لنا عبد الرحيم حمدي ذات يوم «إن العالم من حولنا يسند للمهندسين والمختصين مهمة تقييم السيارات .. في السودان يتولى ذلك من يثرثرون تحت الأشجار»!! والثرثرة تحت الأشجار أخف وطأة من الثرثرة تحت فضاء المايكرفون!!.. و«شوفوا» ثرثرة ربيع عبد العاطي الأخيرة حول كمال عبد المعروف «ودتو لي وين»!! سألني الزميل الأستاذ «مصطفى يس» «مخرج» هذه الصفحة ماذا تسمي ما يدور في الفضاءات حول «ستات الشاي»؟ فقلت له هذه ليست ثرثرة إنها فضفضة برلمان الشارع .. قال الزعيم لجماعته «إذا أنا تكلمت إنتوا تسكتوا».. و«إذا أنا سكت إنتوا برضوا أسكتوا».. إمكن أنا أتكلم في أي لحظة. هل أنا أثرثر الآن أكثر من اللازم؟ طيب «معليش»!!