بالتأكيد لست أدافع عن السر قدور، ولا اتحامل على إمام مسجد الصحافة الذي وصف الرجل في خطبة الجمعة الماضية بالزنديق.. ولكن أقول: كان ينبغي لفضيلة الإمام أن يكون ليناً في دعوته إلى الله ويستلهم من معاني الدين السامية (يسروا ولا تعسروا).. كان عليه بدلاً من أن يصب جام غضبه على الرجل وقد تجاوز الثمانين كما قال.. أن يحدثنا ويحدثه عن الغناء.. حله وحرامه وأن يقول أن لقاء الشباب من الجنسين دون لازم شرعي حرام أو مكروه، وأن صوت المرأة عورة.. لا يجوز لها أن تقرأ القرآن الكريم بصوت يسمعه الرجال.. ناهيكم عن الغناء.. وأن خصل المغنيات (التائهة) و(تسبيل العيون) وتلوين الوجه هو تبرج والتبرج حرام.. أو أن يذكرنا بقول السيدة فاطمة الزهراء حينما قالت أفضل شئ للمرأة ألا ترى الرجال ولا يراها الرجال.. وكان على فضيلته أن يقول إن رمضان شهر عبادة وتقرب لله بالطاعات وترك المحرمات، واجتناب المنكرات والابتعاد عن الشبهات.. وليس من اللائق أن تقدم القنوات الفضائية الغناء.. لا بعد الإفطار ولا قبله.. كله كان ممكن أن يقوله ويوضح لنا رأي الدين الصريح فيه، بدلاً عن الهجوم الكاسح.. لأن الدعوة إلى الله وإرشاد العباد يكون باللين والحكمة والموعظة الحسنة.. (لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) .. مرة أخرى أكررها لا أدافع عن شخص، ولا عن قناة، ولا أجادل فضيلة إمام مسجد الصحافة بغير علم ولا كتاب منير.. ولست (خير من أولئك.. وليس لي براءة في الزبر) ولكن أقول رأياً يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ.. أردت من خلاله تذكير الشيخ الجليل فضيلة الإمام وأنفسنا بسماحة الدين.. ولطفه.. والتذكير بشمائل الشهر الكريم التي تدعونا وتعلمنا الرحمة في أقوالنا وأفعالنا.. وأن الدين يسر وليس عسر.. وأن رمضان شهر تنافس في العبادات والرجاءات، أن يشملنا فيه الرحمن الرحيم برحمته ويهدينا سبل الرشاد.. يتقبل أعمالنا.. ويبدل سيئاتنا حسنات.. وأحسب أن فضيلة الإمام كان يمكنه ان يصل برسالته للقناة ولمقدم برنامج (أغاني وأغاني) بكل السهولة واليسر، ولأداها حق تأديتها إن جاءت على سبيل الوعظ والإرشاد.. ولما كان كل هذا الجدل في الصحف والمجتمعات والمجالس.. إما تعاطفاً مع السر قدور أو هجوماً على فضيلته.. خاصة وأن الكثير من الأصوات تعلو الآن متسائلة.. من يفتي ومن لا يفتي وماهي شروط المفتي، وقد خصصت اذاعة (البي بي سي) حلقة خاصة عبر برنامجها الحواري (نقطة حوار) .. أدخلت فيه مستمعيها في الوطن العربي والعالم الإسلامي في جدل مثير.. وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معهم.. ما كنا نريد لعلمائنا الأجلاء أن يكونوا في موضع شك أو خلاف.